إذا وجد من يأخذ بيد طالب العلم من المرحلة المتوسطة ووجهه إلى من ينفعه الحضور عنده من أهل العلم، مثل هذا -في الغالب أنه- يسلك الطريق، لكن الإشكال فيمن لا ينتبه إلا بعد التخرج في الجامعة، ثم بعد ذلك توظف، قد يتوظف في القضاء، وقد يتوظف في منصب يقتضي أن يعرض نفسه للإفتاء، وقد يتوظف في الدعوة، ويعرض نفسه لأسئلة الناس، ثم بعد ذلك هو بين أمرين: إما أن يقول: لا أدري في جل المسائل، وهذا حرج كبير، أن يأخذ راتباً في مقابل لا أدري؛ لأنه إنما وظف في هذا المرفق لينفع الناس، أو تحمله نفسه الأمارة بالسوء والكبر والحياء العرفي، لا الحياء الشرعي، أن يفتي بغير، وهو في هذه الحالة يضل بنفسه ويضل الناس، فأنا أقول: من البداية يا أخوة، لا بد أن نمسك الطريق من أوله، ونطلب العلم على الجادة، ويكون همنا تحصيل علم الوحيين الكتاب والسنة، ولا يعني هذا أننا نقتصر على القرآن، صحيح البخاري، صحيح مسلم، إلى آخره، لا بد أن نقرأ ما يعيننا على فهم الكتاب والسنة، ونحن في قراءتنا للغة العربية أجرنا كمن يقرأ القرآن أو يفسر القرآن، لماذا؟

لأنه وسيلة، والوسائل لها أحكام المقاصد، أنت قرأت اللغة العربية من أجل أيش؟ من أجل أن تفهم الكتاب والسنة، لك أجر من يتعلم الكتاب والسنة، قرأت في علوم الحديث لكي تعرف ما يثبت وما لا يثبت من حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- لك أجر من يقرأ ويُقرأ الحديث؛ لأن الوسائل لها أحكام الغايات، قرأت في أصول الفقه لتعرف كيف تتعامل مع النصوص، نصوص الكتاب والسنة لك أجر من يتعلم ويعلم الكتاب والسنة؛ لأنك لا تتعلم هذا العلم بمفرده، نعم قد يكون بعض الناس يفني عمره بهذه الوسائل ولا يصل إلى الغايات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015