ومثل ما ذكرنا كون العبادات في الإسلام متنوعة هذا من نعمة الله -جل وعلا- على عباده، فلو كانت بدنية محضة، فيوجد في الناس من لا يطيق العمل ببدنه وعنده الاستعداد التام ليبذل الأموال الطائلة، بعض الناس يستطيع عنده القدرة على البذل، وتجود نفسه بالأموال الطائلة، لكن من أشق الأمور عليه أن يصلي ركعتين، أو يقرأ آيتين، هذا صنف، ومن الناس من هو مستعد لأداء مائة ركعة في وقت واحد، لكنه لا يستطيع أن يبذل من الأموال شيئاً، فشرعت العبادات من هذا وهذا، ليتمكن من جادت نفسه بالعمل البدني من أداء شيء من مال الله -جل وعلا- عليه من حق، وليتمكن من جُبل على البذل وحرم عبادة البدن من أن يؤدي بعض ما عليه لله -جل وعلا-، إذ لو كانت العبادات كلها بدنية، لفاز بها من سهلت عليه عبادة البدن، ولو كانت كلها مالية لحرم منها الفقراء، فتنوع العبادات من فضل الله -جل وعلا- على عباده، ومن تيسيره عليهم، وقد صنف شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمة الله عليه- رسالة في تنوع العبادات.

حكم الزكاة:

الزكاة قرينة الصلاة من جحد وجوبها كفر بالاتفاق، ومن اعترف بها وامتنع من دفعها على خطر عظيم، وقيل بكفره كما قدمنا، لكن المعتمد عند الجمهور أنه لا يكفر إلا إذا قاتل دونها، كما في قول، وإذا امتنع من الزكاة أخذت منه قهراً، يأخذها الإمام منه قهراً، ولا ينتظر حتى يجود بها، بل يأخذها منه الإمام قهراً، فإذا أخذها الإمام قهراً أجزأت عنه، قد يقول قائل: هو ما نوى، أخذت منه من غير رضا، بل نوى ألا يدفع، نوى ألا يدفع الزكاة فأخذت منه قهراً، وأهل العلم يقولون: تجزئ، ومعنى الإجزاء هنا الإجزاء الظاهر، بمعنى أنه لا يطالب بها مرة ثانية، لا يطالب بدفعها مرة ثانية، يسقط الطلب لأخذها منه ولو قهراً.

وأما الإجزاء الذي يترتب عليه الثواب ويرتفع به العقاب فلا، لحديث: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) فإذا أخذت من الممتنع قهراً، لا يطالب بها مرة ثانية، وهذا معنى الإجزاء في قول أهل العلم، وأما الإجزاء الذي يترتب عليه الثواب ويرتفع به العقاب فلا، لأنه متعلق بالنية، ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015