قراءة القرآن عند الماهر، ومع ذلك بإمكانه أن يتدبر، وقد رأينا من يقرأ القرآن كل يوم مع أن الدموع تنهمر من عينيه، فليس بالمستحيل، وليس بصعب، وهو موجود إلى الآن، النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه أنه قال لعبد الله بن عمرو: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) مثل هذا الكلام منه -عليه الصلاة والسلام- إنما هو علاج للمندفع، المندفع يعالج بمثل هذا الكلام، ابن عمرو أراد أن يقرأ القرآن ليل نهار، ويترتب على هذا تضييع بعض الحقوق، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يحد منه هذا الاندفاع، فقال له: ((اقرأ القرآن في شهر)) فقال: نطيق أكثر من ذلك، فقال: ((اقرأه في عشرين ليلة)) فقال: إني أطيقه أكثر من ذلك، فقال: ((اقرأه مرتين في الشهر)) فقال: أطيق أكثر من ذلك، ((في عشر)) يطيق أكثر من ذلك، قال: ((اقرأ القرآن في سبعٍ ولا تزد)) فإذا كان النهي للرفق بالمنهي، إذا كان النهي من أجل الرفق بالمنهي فتنظر بالنسبة لغيره النصوص الأخرى، ففي كل حرف من القرآن عشر حسنات، وجاء في الحديث عند أبي داود وغيره أنه: لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث، والعلماء يقررون أن القراءة بأقل من ثلاث ممكنة وقد يفقه، لكن هذا بالنسبة لمن لديه أعمال أخرى، وانشغال بأمور دنياه، فمثل هذا لا يفقه، لكن لو قال لنا شخص: أنا أقرأ خمسة بعد صلاة الصبح، وخمسة بعد صلاة الظهر، وخمسة أجزاء بعد صلاة العصر، وأستطيع أن أقرأ القرآن في يومين، هل نقول لك: إنك لا تفقه، لا تقرأ بعد صلاة الظهر؛ لأجل أن تفقه، هل لهذا المنع من القراءة في وقتٍ من هذه الأوقات أثر على الفقه؟ لكن غالب الناس إذا قرأ عشرة في اليوم لا يفقه، فهو محمول على الغالب، ومنهم من يرى كابن رجب وغيره أن هذا في الأوقات العادية، أما في الأوقات الفاضلة فتغتنم هذه الأوقات، ولا مانع أن يختم القرآن في رمضان في كل ليلة.