سلف هذه الأمة وأئمتها، مسائل الخلاف، مسائل الاعتقاد التي ثبت فيها الاختلاف بين السلف، وهذه في الغالب إذا كانت الأدلة محتملة، إذا كانت الأدلة محتملة للنفي والإثبات كاختلافهم في رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه ليلة الإسراء، تقول عائشة: من زعم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم الفرية، وابن عباس يثبت الرؤية، فترجيح أحد القولين سائغ، لكن بالدليل، بالمرجح، لا عن هوى، هناك مسائل صفات مثلاً يتفق أهل العلم على أنها من آيات الصفات، ويبقى وجه ربك، السمع والبصر وغيرها مما ثبتت بالنصوص القطيعة من الكتاب والسنة، هذه ليس بين سلف هذه الأمة خلاف فيها، لكن هناك آيات يختلف هل هي من آيات الصفات؟ {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [(115) سورة البقرة] وهناك أيضاً ما لا يقوى الدليل على إثبات الصفة به، من وجهة نظر المخالف، فعلى سبيل المثال صفة العزم، هل تثبت لله -جل وعلا-، صفة العزم، شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى أثبت لأهل السنة هذه الصفة، قولين، قال: القول الأول: لا تثبت صفة العزم لله -جل وعلا- لماذا؟ لأنه لم يرد فيها حديث صحيح صريح مرفوع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والصفات توقيفية، القول الثاني: وهو الأصح، كما يقول شيخ الإسلام أننا نثبت العزم لله -جل وعلا-، هل فيه حديث صريح الرفع، الباب توقيفي، كيف يقول شيخ الإسلام وهو الأصح، فيه آثار، لكن من أقواها ما جاء عن أم سلمة كما في كتاب الجنائز من صحيح مسلم: "فعزم الله لي فقلتها" فأثبتت صفة العزم وأن الله يعزم، ولم تصرح برفعه إلى النبي عليه الصلاة والسلام، لكن مثل هذا هل تقوله أم المؤمنين من غير توفيق؟ هل تدرك أم المؤمنين مثل هذا من غير أن تسمع من النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه شيئاً، نقول هذا له حكم الرفع، لأنه لا يقال بالاجتهاد ولا بالرأي، ولهذا أثبتوا صفة العزم بهذا الخبر، ومن نفاها فله سند، فمثل هذا يسوغ فيه الخلاف، أما ما اتفق عليه سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام، فهذا لا مندوحة لأحد في أن يخالف فيه، الخلاف في الفروع، وهو عند أهل العلم أسهل، ولهذا لم يبدعوا أحداً من المخالفين في المسائل الفرعية، الإمام مالك