فالحديث أصل عظيم من أصول الأدب، وقد حكى الإمام أبو عمرو بن الصلاح عن أبي محمد بن أبي زيد إمام المالكية القيرواني في زمانه أنه قال: جماع آداب الخير وأدلته تتفرع من أربعة أحاديث: قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل: خيراً أو ليصمت)) يعني من التزم هذا الأدب يقول: خير أو يصمت، هذا يرتاح من أمور كثيرة، ويرتاح أو يسد على نفسه باب عظيم من أبواب كسب السيئات، يقول: خيراً أو ليصمت، وقوله: ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) وقوله -عليه الصلاة والسلام- لمن طلب منه الوصية: ((لا تغضب)) وقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) والحديث منطوقه يدل على مدح ترك ما لا يعني، منطوق الحديث يدل على مدح ترك ما لا يعني، مفهومه يدل على الحث على اشتغال الإنسان بما يعنيه، يعني إذا مدح في ترك ما لا يعنيه، فمفهومه –مفهوم المخالفة لهذا الخبر– أنه يمدح بفعل ما يعنيه، الحث على اشتغال الإنسان بما يعنيه من أمور الدين والدنيا، فالحديث بمنطوقه ومفهومه من جوامع الكلم التي تجمع خيري الدنيا والآخرة.