قد يقول قائل: لماذا جعل الإمام البخاري كتاب التوحيد آخر كتاب في صحيحه؟ هل هذا لعدم أهميته؟ نقول: إن الإمام البخاري افتتح كتابه بكتاب الإيمان وختمه بكتاب التوحيد؛ ليكون المعتني بصحيح البخاري بين هذين الكتابين بحيث لا ينساهما إذا طال به العهد، ومر على أبواب الدين كلها قد ينسى ما كتبه في أول الكتاب فيذكره بما سطره الإمام في آخره من أبواب التوحيد التي جلها في توحيد الأسماء والصفات، الذي شاع في عصره -رحمه الله تعالى- إنكاره من قبل المبتدعة.
النعمة جمع أو كما في لسان العرب يقول: النعيم والنُعماء والنَعماء والنعمة، النعيم والنُعماء والنَعماء والنعمة كله الخفض والدعة، الخفض والدعة والمال، فالمال نعمة ((نعم المال الصالح للرجل الصالح)) يعني إذا استغل فيما وجه إليه الإنسان في صرفه، وقبل ذلك كسبه من وجوه الحل وإلا فهو نقمة، وكثير من النعم التي يتمتع بها الناس إما أن تكون نعمة، وإما أن تكون نقمة، السمع والبصر والفؤاد وغيرها كلها من أعظم نعم الله على المخلوقين، ومع ذلكم قد تكون من أعظم النقم عليهم إذا لم تستغل فيما يرضي الله -جل وعلا-، قال: والمال وهو ضد البأساء والبؤساء، ضد البأساء والبؤساء، وقوله -عز وجل-: {وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ} [(211) سورة البقرة] يقول: يعني في هذا الموضع حجج الله الدالة على أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال -جل وعلا-: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [(8) سورة التكاثر] أي تسألون يوم القيامة عن كل ما استمتعتم به في الدنيا، تسألون يوم القيامة عن كل ما استمتعتم به في الدنيا، وجمع النعمة نعم وأنعم، كشدة وأشد، حكاه سيبويه، قال النابغة:
فلن أذكر النعمان إلا بصالح ... فإن له عندي يدياً وأنعماً