وتنوع هذه العبادات من محاسن هذا الدين، فتجد بعض الناس يسهل عليه التقرب إلى الله -جل وعلا- بمائة ركعة بمائتين ركعة بثلاثمائة ركعة في اليوم الواحد، وهذا مأثور عن بعض من تقدم من السلف، لكن يشق عليه أن يتصدق بدرهم، فتح له هذا الباب ليلزمه، ومع ذلك يجاهد نفسه في الأبواب الأخرى، وبعض الناس مستعد أن يتصدق أن يتخلص من نصف ماله ولا يستطيع ولا تطاوعه نفسه أن يصلي ركعتين، ومن الناس من ديدنه قراءة القرآن وتشق عليه سجدة التلاوة؛ لأن الصلاة شاقة عليه، هذا تنوع للعبادات, وكل باب من الأبواب هذه مرضية لله -جل وعلا- ومع ذلك يلزم هذا الباب الذي يُسر له ولا يهمل الأبواب الأخرى، يجاهد نفسه على أن يأطرها على محبة هذه الأبواب الأخرى، يكفيه أنها ترضي الله -جل وعلا- وأنها ترفعه عند المولى سبحانه وتعالى، ترتب عليها الثواب، فمن أهم العبادات الصلاة، فالإنسان عليه أن يكثر منها، فالصلاة خيرٌ مستكثر منه، والنبي -عليه والصلاة والسلام- لما سأله الصحابة مرافقته في الجنة، قال: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) الكثرة هذه مطلوبة على أن الكمية ليست هدف لذاتها، بل لا بد من الكيفية ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) ليس معنى هذا أن الإنسان يصلي في الساعة بعدد دقائقها من الركعات، ويغفل عن الكيفية، بل لا بد من أن يجمع بين كثرة السجود وبين الكيفية المأثورة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقل مثل هذا في سائر العبادات، يقرأ القرآن ويكون ديدنه قراءة القرآن، لكن على وجه مأمور به، على الوجه المأمور به من الترتيل والتدبر، ليزداد بذلك من الهدى واليقين والطمأنينة وشرح الصدر وزيادة الإيمان, فعلى الإنسان أن يلزم هذه العبادات.
والفتن جمع فتنة، يقول الراغب: أصل الفَتْنِ إدخال الذهب في النار، لتظهر جودته من رداءته، ويستعمل في إدخال الإنسان النار، ويطلق على العذاب، يستعمل في إدخال الإنسان النار {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [(10) سورة البروج]، بأن أدخلوهم في النار، هذه فتنة.