المقصود أن فضول الكلام، وفضول النظر، وفضول السمع، وفضول الحواس كلها التي لا تنفع في يوم القيامة على مريد التزكية للنفس أن يحسم مادتها، طيب إذا منع الإنسان من فضول الكلام فما البديل؟ يصمت؟ يعني يتكلم بما ينفع جملة جملتين ويصمت؟ لا الباب مفتوح، اللسان له وظائف، ((اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأهله)) ولك بكل حرف عشر حسنات، يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((لا أقول: (ألم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)) والختمة الواحدة لا تكلف الإنسان، ما يحتاج إلى حمل أثقال، ولا جلوس في شمس، ولا في مكان مخوف ولا شيء، في روضة المسجد يستند على مثل هذا بعد صلاة الصبح لمدة ساعة، ويقرأ القرآن في سبع، كما قال الرسول لابن عمرو: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) إلى أن تنتشر الشمس، وبهذا يحصل في كل أسبوع على ثلاثة ملايين حسنة، ولا خوف من مؤشر ولا غيره، هذه الثلاثة ملايين مضبوطة ومحفوظة في سجل لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، اللهم إلا إذا أنت تسببت في تضييعه هذا شيء يعود إليك، فالمفلس من يأتي بأعمال أمثال الجبال من صلاة وصيام وحج وزكاة وبر واجتهاد، ثم بعد ذلك يأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وسفك دم هذا، وأخذ مال هذا، فهذا يأخذ من حسناته، وهذا من حسناته، ختمة لفلان، وختمة لفلان، وهكذا، وفي الغالب أن من ينشغل بهذه المنكرات لا يوفق لقراءة القرآن، لاسيما على الوجه المأمور به، فما تودعه في سجلك وصحائف أعمالك مضبوط، ولا خوف عليه، لا من لص، ولا من هامور يلعب بالسلوك، ما فيه، مضبوط، متقن، يعني إذا كان الناس في أموالهم يتذرعون بأنه ضحك عليهم، هذه الأجور مضبوطة، ما أحد يتصرف فيها، ولا يتحكم، {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا} [(49) سورة الكهف] حاضر تقلب الصفحات ووجهك مشرق، نسأل الله من فضله، المقصود أن قراءة القرآن من تزكية النفس، والذي يفعل ما أمر به من قراءة القرآن على الوجه المأمور به بالتدبر والترتيل، لا شك أن هذا من أعظم وسائل تقوية الإيمان، كما قال شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله-: "قراءة القرآن على الوجه المأمور به تورث القلب من الإيمان والعلم واليقين والطمأنينة ما لا يدركه