وأفاضوا، لا سيما مثل ابن القيم وابن رجب وغيرهما من أئمة التحقيق هذا الموضوع في غاية الأهمية عندهم، يحثون على تزكية النفس عملاً بهذه الآية، فماذا عن قول الله -جل وعلا-: {فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [(32) سورة النجم]، {بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء} [(49) سورة النساء]، لا تزكوا أنفسكم يعني لا تمدحوها، لا تمدحوا أنفسكم؛ لأن التزكية هي الثناء والمدح، ومنه تزكية الرواة والشهود، يعني مدحهم، والثناء عليهم بما يستحقون به قبول شهادتهم، وقبول روايتهم، فالشاهد لا بد له من تزكية، لا بد له من يزكيه ممن يعرفه معرفة باطنة، والراوي لا بد له من يزكيه، يقول أهل العلم:
. . . . . . . . . ومن ... زكاه عدلان فعدل مؤتمن
وصحح اكتفاؤهم بالواحد ... جرحاً وتعديلاً خلاف الشاهد
الشاهد لا بد له من اثنين، لكن هناك من استفاض فضله، ونبغ في الناس ذكره، لا يحتاج إلى تزكية، كما قال الحافظ العراقي -رحمه الله-:
وصححوا استغناء ذي الشهرة ... عن تزكيةٍ كمالك نجم السنن