الشيخ/ عبد الكريم الخضير
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ففي هذا الليلة المباركة، وفي هذا المكان المبارك نلتقي مع إخوة أعزاء فضلاء، يجمعنا بهم الدين والعلم ونية الخير إن شاء الله تعالى. نسأل الله –جل وعلا- أن لا يحرمنا الأجور المرتبة على مثل هذا الاجتماع.
عنوان الدرس في إطار قول الله -جل وعلا-: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا} الموضوع في غاية الأهمية وجدير بالعناية.
يقول الله -جل وعلا- بعد أن أقسم أحد عشر قسماً: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} [(1 - 2) سورة الشمس] إلى أن قال: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا} [(9) سورة الشمس] أحد عشر قسماً، ولله -جل وعلا- أن يقسم بما شاء من مخلوقاته لكن ليس للمخلوق أن يقسم بغير الله -جل وعلا- و ((من حلف بغير الله فقد أشرك)) لكن الله -جل وعلا- يقسم بما شاء من مخلوقاته بياناً لشأن هذا المقسم به.
هذه الأقسام وهذه الأيمان الأحد عشر عقبها -جل وعلا- بقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا} [(9) سورة الشمس] والضمير يعود على النفس، {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} [(7) سورة الشمس] يعود على النفس فجواب القسم عند جمع من أهل العلم، بل جواب هذه الأقسام الأحد عشر في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا}، والعادة أن جواب القسم يقترن باللام، والعادة والمطرد في لغة العرب أن جواب القسم يقترن باللام، وأهل العلم خرجوا هذا على أنه لطول الفصل، طول الفصل أغنى عن وجود هذه اللام، فجواب هذه الأقسام {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا} ونازع في هذا بعض أهل العلم، ممن له عناية باللغة، كالزمخشري مثلاً، وهذا ليس له أثر، وهذا ليس لعقيدته في هذا أثر وإلا فهو معتزلي.