وفي تفسير الإمام الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-، قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن فضيل عن المختار بن فلفل عن أنس بن مالك قال: أغفى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إغفائه فرفع رأسه متبسماً، إما قال لهم، وإما قالوا له؟ لم ضحكت؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إما أن يكون الرسول -صلى الله عليه وسلم- ابتدرهم بالكلام أو سألوه عن سبب ذلك فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((إنه نزل عليّ آنفاً سورة، فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} حتى ختمها، فقال: ((أتدرون ما الكوثر؟ )) قالوا: الله ورسوله أعلم -هذه عادتهم يسلمون ويكلون العلم إلى عالمه، ولا يجتهدون بحضرته -عليه الصلاة والسلام- إلا إذا طلب منهم ذلك- قال: ((هو نهر أعطانيه ربي -عز وجل- في الجنة عليه -أو فيه- خير كثير ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد الكواكب، يختلج العبد منه، فأقول: يا ربي إنه من أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)) وهذا كما هو ملاحظ من ثلاثينات المسند يعني من عوالي ما يرويه الإمام أحمد؛ لأنه يرويه بواسطة ثلاثة من الرواة، وقد روى هذا الحديث مسلم وأبو داود والنسائي من طريق علي بن مسهر ومحمد بن فضيل كلاهما عن المختار عن أنس ولفظ مسلم قال: بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا في المسجد إذ أغفى إغفاءةً ثم رفع رأسه متبسماً قلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: ((لقد أنزلت عليّ آنفاً سورة، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} ثم قال: ((أتدرون ما الكوثر؟ )) قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإنه نهر وعدنيه ربي -عز وجل- عليه أو فيه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد نجوم السماء فيختلج العبد منهم، فأقول: يا ربّ إنه من أمتي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)) ونهتم لما جاء في الخبر ((ما أحدثوا بعدك)) لنعرف من يهنأ بالشرب من هذا الحوض على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى- ((فإنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)) أو ما أحدث بعدك -هذا المختلج-.