أما ما يشترك فيه الشعوب والناس كلهم من مسلمين وكفار وغيرهم هذا ما يقول أحد بمنعه؛ لكن لو عرفنا أن هذه الآلة ما يذبح بها إلا اليهود فقط، أو ما يذبح بها إلا النصارى، أو ما يذبح بها إلا ملة من الملل المخالفة لدين الإسلام تركنها من أجل التشبه بهم، فالظفر نتركه من أجل التشبه بالحبشة، وإذا كان الترك من أجل التشبه فاستعماله في غير هذا الموضع لا يقتضي التشبه، وإذا كان المنع للتشبه ينتفي التشبه لأنهم يذبحون به.
ثم قال: ((اشحذيها بحجر)) ففعلت فأخذها وأخذه فأضجعه ثم ذبحه فقال: ((بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد)) ثم ضحى به.
التسمية شرط لحل الذبيحة، فالذبيحة التي لا يذكر عليها اسم الله لا يجوز الأكل منها، ميتة، والخلاف بين أهل العلم فيمن نسى التسمية، ومقتضى الاشتراط أنها لا تصح عمداً أو سهواً، إذا تركت.
وقد ترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: باب أضحية النبي -صلى الله عليه وسلم- بكبشين أقرنين، ويذكر سمينين، إشارة إلى الرواية التي أوردها أبو عوانة، ويذكر سمينين، وقد أوردها الإمام البخاري بصيغة التمريض.
وأجمع المسلمون على مشروعية الأضحية، ومثلما تقدم الذبح عبادة لا يجوز صرفه لغير الله تعالى، فمن ذبح لغير الله فقد أشرك، وعلى هذا جميع من يعتد بقوله من أهل العلم لا يجيزون الذبح لغير الله -جل وعلا-، كما في قوله -سبحانه وتعالى-: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لاَ شَرِيكَ لَهُ} [(162 - 163) سورة الأنعام] فجعل الذبح مثل الصلاة، لا يصرف لغير الله -جل وعلا-.
يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله- بعد أن ذكر الآية: "يأمر الله تعالى نبيه أن يخبر المشركين الذين يعبدون غير الله، ويذبحون لغير اسمه أنه مخالف لهم في ذلك، فإن صلاته لله، ونسكه على اسمه وحده لا شريك له، وهذا كقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر] أي: أخلص له صلاتك وذبحك، فإن المشركين كانوا يعبدون الأصنام ويذبحون لها، فأمره الله تعالى بمخالفتهم، والانحراف عما هم فيه، والإقبال بالقصد والنية والعزم على الإخلاص لله تعالى".