الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

الحكمة من تنوع العبادات:

فمن نعم الله -جل وعلا- على المسلمين، على هذه الأمة أن نوع لها العبادات، وشرع لها الشرائع المتنوعة المناسبة لجميع الطبقات، وجميع الفئات، تنوع العبادات نعمة عظيمة من الله -جل وعلا-، فلو كانت العبادات كلها من نوع واحد بدنية مثلاً لشق الأمر على كثير من الناس، فكثير من الناس لديه استعداد أن يبذل الأموال الطائلة ولا يتعب جسده في ركعتين، ونوع آخر لديه الاستعداد التام على أن يتعب بدنه حفاظاً على ماله، فجاءت العبادات في هذه الشريعة الكاملة الشاملة الخاتمة للشرائع منوعة، فمنها العبادات البدنية كالصلاة مثلاً والصيام، فهذه يُكثِر منها من وفقه الله -جل وعلا-، ويسر عليه العبادات البدنية، ليتوفر له أجره عند الله -جل وعلا-، وجاء في فضل الصلاة، وهي عبادة بدنية، وفضل الصيام ما جاء من نصوص الكتاب والسنة، لكن كثير من الناس لم يفتح له هذا الباب، لا يستطيع الإكثار من الصلوات، مع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) والقنوت طول القيام كما هو معروف.

ومنهم من لا يستطيع الإكثار من نوافل الصيام مع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) فتجد بعض الناس مستعد يدفع عشرة آلاف ولا يصوم يوم، ومن الناس من هو بالعكس، مستعد أن يصوم الأيام المتتابعة، وأن يقوم الليالي المتواصلة، ولا تجود نفسه ببذل شيء من المال، والمسألة مفترضة في القدر الزائد عن الواجبات، وأما الواجبات سواءً كانت بدنية أو مالية فلا يعفى منها أحد؛ لكن الكلام في النوافل، بعض الناس يفتح له باب الصلاة، وبعضهم باب الصيام، وبعضهم باب الإنفاق في سبيل الله، وهكذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015