والعلماء يختلفون في اعتبار الدلالة الفرعية، أما الأصلية يتفقون عليها، يتفقون على اعتبار الدلالة الأصلية، لكن الدلالة الفرعية يختلفون فيها اختلاف كبير، حتى أن الشاطبي كأنه يميل إلى عدم اعتبار الدلالة الفرعية، لكن لا شك أن القول الوسط أن الدلالة الفرعية إذا لم تعارض فهي معتبرة، والعلماء ما زالوا يستنبطون من أدلة الكتاب والسنة من الجملة الواحدة أكثر من فائدة، لا يقتصرون على الدلالة الظاهرة من النص، بل يسترسلون ويستنبطون منه أدلة أخرى، لكن مثل هذا إنما سيق لبيان حكم أخذ الشعر ممن أراد أن يضحي، وتنظيره مثل ما سمعتم، قد يكون فيكم من لم يحج حجة الإسلام، فإذا قيل لكم بمجموعكم بمن فيكم ممن لم يحج حجة الإسلام وهو قادر على ذلك وهي ركن من أركان الإسلام: إذا أراد أحدكم أن يحج فليحتط لنفسه، أو من أراد منكم أن يحج فليحتط لنفسه؛ لأن الجو بارد، ويخشى من الضرر، هل نقول أن هذا فيه ترخيص للجميع لمن أراد أن يحج أو لمن لم يرد، لا، دلالة الحديث الأصلية ما سيقت لهذا.
طالب. . . . . . . . .
طيب أنا جيب لك مثال.
الحنفية يقولون: أن وقت صلاة العصر يبدأ من مصير ظل الشيء مثليه، يعني لو وقفت بالشمس صار ظلك طولك مرتين، والجمهور يقولون: لا، مثله مرة واحدة بس، إلى قدر هذا بمَ استدلوا؟
استدلوا بحديث: ((إنما مثلكم ومثل من قبلكم كمثل رجل استأجر أجيراً من أول الصبح إلى وقت الظهر بدينار، ثم استأجر أجيراً من وقت الظهر إلى العصر بدينار، ثم استأجر أجيراً من وقت العصر إلى غروب الشمس بدينارين، فاحتج أهل الكتاب نحن أكثر عملاً وأقل أجراً)).
وجه الاستدلال: اليهود الذين عملوا من أول النهار إلى الزوال واضح احتجاجهم، ولهم أن يحتجوا؛ لأنهم عملوا ضعف العمل الباقي، لكن اليهود كيف يطيب لهم الاستدلال بأنهم عملوا أكثر من عمل المسلمين، وصلاة العصر تبدأ من مصير ظل الشيء مثله؟
قالوا: لا، ما يمكن أن يحتج اليهود إلا إذا كان الوقت يمتد إلى مصير ظل الشيء مثليه، على شان يصح احتجاجهم.
نقول: الاستدلال بمثل هذا الحديث صحيح وإلا ما هو بصحيح؟ صحيح وإلا ما هو بصحيح؟ الدلالة أصلية وإلا فرعية؟