ومنها ما نحن بصدد الحديث عنه وهو الأضحية، يسن إظهارها كصدقة الفطر، وإن كانت صدقة تدخل في عموم ما يسر، إلا أنها شعيرة، كثير من الناس يشتري الرز من المحل ويقدر أن في بيته كذا -عدد كذا من الأولاد والبنات والزوجة- ثم يذهب إلى المحل ويشتري بقدرهم ويدفعها إلى الفقير والأولاد لا يعرفون شيئاً عن صدقة الفطر، مع أن السنة أن تحضر إلى البيت وتكال أمام الأولاد بالصاع وتوزع؛ لينشأ الناشئ على هذه العبادة وهذه الشعيرة، وقل مثل هذا في الأضحية، بعض الناس يذهب إلى البنك، ويأخذ إشعار بأنه دفع قيمة أضحية، وأولاده لا يدرون هل ضحى أو لم يضحي؟! مع أن السنة إشهار وإشعار وإظهار هذه الشعيرة، يشتري الأضحية أو يربيها ويسمنها في بيته كما كان السلف يفعلون ذلك، ثم بعد ذلك يجتمع هو وأولاده يوم العيد بعد الصلاة فيذبحونها، يسمون ويكبرون ويأكلون ويغدون ويتصدقون؛ لينشأ الناشئة على هذه الشعائر، مع الأسف أنه في كثير من بيوت المسلمين لا يعرفون شيئاً عن كثير من العبادات، حتى ما أمر بفعله في البيت من النوافل تجد كثير من الناس يصليها في المسجد، وبعضهم لما سئلوا –وهم من طلبة العلم- قيل له: لماذا أنت تصلي النافلة في المسجد وفعلها في البيت أفضل؟ حتى أن الإمام أحمد سئل عن راتبة المغرب هل تجزئ في المسجد فتردد؛ لأنها بيتية، وكذلك راتبة العشاء وغيرها من النوافل ((وصلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة))؛ ليتعلم الشباب، ليتعلم النساء، ليتعلم الأطفال من فعل أبيهم لهذه العبادة العظيمة، ولذا سئل بعض الناس قال: أنا إذا صليت في البيت أتساهل في أمر الصلاة، لكن إذا صليتها في المسجد وأمام الناس أضبطها وأتقنها.

قلنا هذا خلل في القصد، هذا خلل في النية، خلل ظاهر في النية؛ لأنه يظهر -والله أعلم- أنه يتقنها؛ لما يرى ممن يراه من الناس، وإلا فما الفرق في العبادة أن تكون في مكان أو في مكان آخر، والمعبود هو الله -جل وعلا-، وإذا مثل الإنسان بين يدي ربه ينبغي أن تكون صلاته كما قالوا صلاة مودع، وما يدريه لعله ألا يصلي غير هذه الصلاة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015