مثل هذه القصص وهذه الطرائف لا شك أنها –وإن كانت تشد القارئ- لكن لها دلالاتها في ديانة الشخص، لها دلالاتها، يعني شخص يتدين لله -جل وعلا- بالعلاقة بين الزوج وزوجته، وبين أولاده، بينه وبين أولاده، ما يفعل مثل هذا.
على كل حال مثل ما أشرنا هذه الرحلة فيها من المتعة، وفيها من الاستجمام لطالب العلم، لكن فيها من الشرك الشيء الكثير، فليحذر طالب العلم.
يقول: "ولقي من الملوك والمشايخ خلقاً كثيراً وجاور، ثم رجع إلى الهند، فولاه ملكها القضاء فيها، ثم رجع إلى المغرب فحكى بها أحواله وما اتفق له وما استفاده من أهلها".
قال ابن مرزوق: "ولا أعلم أحداً جال البلاد كرحلته، مات سنة تسع وسبعين وسبعمائة، ورحلته على النقيض من رحلة ابن رشيد.
قلنا ابن رشيد لا يهتم بالمشاهد ولا المزارات، يهتم بالعلم وتقرير مسائل العلم، فهذه الرحلة على النقيض من رحلة ابن رشيد، جل اهتمامه فيها، وصف المعالم والمزارات والمشاهد والمقابر وغيرها.
وفي ذلك من الغلو في الصالحين مما يصل بعضه إلى الشرك، ولم يسطر فيها من الفوائد العلمية إلا النزر اليسير، وترجمت رحلته إلى اللغات البرتغالية والفرنسية والإنجليزية، ونشرت بها، وترجمت فصول منها إلى الألمانية، ونشرت أيضاً.
واستغرقت رحلته أكثر من ربع قرن، وطبعت الرحلة طبعات عديدة واختصرت في عدة مختصرات، وطبعت وزارة المعارف العمومية بمصر مهذب رحلة ابن بطوطة، سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة وألف بمطبعة بولاق الأميرية.
ووقف على تهذيبه وضبط غريبه وأعلامه أحمد العوامري ومحمد أحمد جاد المولى، وهما من المفتشين بوزارة المعارف، مع الأسف الشديد أنهما لم يحذفا مما اشتملت عليه من الغلو والكذب على شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره شيئاً، هذا موجود.
هو يقول لما دخل دمشق وقصد جامعها الكبير -الجامع الأموي- وجد في المسجد في الجامع على المنبر رجل كثير العلم قليل العقل، ذكر حديث النزول فنزل من درجات المنبر يعني شيخ الإسلام، وقال: إن الله -جل وعلا- ينزل في آخر كل ليلة كنزولي هذا، وهذه فرية، شيخ الإسلام -وقت دخوله دمشق- شيخ الإسلام في السجن.