من سافر على الطائرة عن طرق جدة فإنه يحرم إذا حاذى أقرب المواقيت إلى بلده، فإن كان يمر بميقات معين إذا وازنه وحاذاه وإلا فيحاذي أقرب المواقيت إلى بلده، ولا ينتظر حتى يأتي ميقاته؛ لأنه إن مر بذي الحليفة، كمن سافر مثلاً من القصيم وميقاته ميقات أهل نجد السيل، مروراً بالمدينة فإنه لا ينتظر حتى يحاذي السيل، عليه أن يحرم إذا حاذى ذا الحليفة، فإن تجاوز وأحرم من محاذاة ميقاته الأصلي فالجمهور على أنه يلزمه دم، والإمام مالك يقول يكفيه إذا أحرم من ميقاته، نقول مثل هذا بالنسبة لمن يمر بميقات أو أكثر من ميقات، يمر بميقات ويتجاوزه.
الشامي مثلاً ميقاته الجحفة إذا مر بالمدينة ثم تجاوزها غير محرم إلى الجحفة الذي هو ميقاته الأصلي فإنه يلزمه عند جمهور العلماء دم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) والإمام مالك يقول: إذا أحرم من ميقاته الأصلي لا يلزمه دم، ولو تجاوز ميقاتاً لقوله: ((هن لهن)) أي هذه المواقيت لأهل تلك الجهات، وقد عمل بنص صريح، نعم هو ترك جزءاً من النص وعمل بجزء، لكن عمل بالجزء الذي يخصه، فالذي يظهر أن قول الإمام مالك وجيه، لكن إذا كان غير ميقاته مثلاً، تجاوز ذا الحليفة، الشامي تجاوز ذي الحليفة، ثم لما وصل إلى جدة مثلاً، قيل له ارجع إلى الجحفة، قال: لا، أريد أن أحرم من السيل، أرفق بي، هذا ليس بميقاته الأصلي، وليس بالميقات الذي مر به، فهل يدخل في قول مالك أو يخرج عليه؟
الظاهر أن التسامح في مثل هذا له وجه -إن شاء الله تعالى- ما دام أحرم من ميقات شرعي معتبر محدد من قبل الشارع ومنصوص عليه.
يقول السائل: إذا تأذى الحاج من البرد في ليلة مزدلفة وغطى رأسه، هل عليه فدية؟
لا يجوز للمحرم أن يغطي رأسه ولا وجهه؛ للحديث الصحيح، في حديث الحاج الذي وقصته دابته فقال: ((لا تخمروا رأسه ولا وجهه))، فلا يجوز للمحرم أن يغطي رأسه ولا وجهه، لكن إن احتاج إلى المحظور فعله ولا إثم عليه وعليه فدية، إن غطى رأسه وهو لا يحس بذلك أثناء النوم، عادته أن يغطي رأسه، ولا ينام إلا إذا غطى وجهه، فإذا نام وغطى رأسه ووجهه حال النوم فقد رفع القلم عنه ولا شيء عليه.