قال: {الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ورسله وتؤمن بالبعث -وهناك- وتؤمن بالقدر خيره وشره} يقول عبادة بن الصامت رضي الله عنه لما حضرته الوفاة لابنه: [[يا بني! اعلم أنك لو أنفقت مثل أحد ذهباً أو فضة ما نفعك عند الله حتى تؤمن بالقدر خيره وشره]] ويقول ابن عمر في صحيح مسلم لما أتاه الرجل العراقي وأخبره أن قوماً يقولون بالقدر قال: [[والله لو أنفق أحدهم مثل أحد ذهباً ما نفعه حتى يؤمن بالقدر خيره وشره، أخبرهم أني بريءٌ منهم وأنهم براء مني]] ثم ساق ابن عمر هذا الحديث.
{فلما أخبره بالإسلام قال: صدقت} فتعجب الناس كيف يسأله ويصدقه، ولكنه صلى الله عليه وسلم ما أنكر عليه؛ لأن السائل لا يقول للعالم: صدقت؛ لأن من يقول: صدقت هو أعلم منه، كأن تسأل العالم في مسألة وأنت لا تعرفها، فإذا أفتاك قلت: صدقت، من علمك أنه صدق أو كذب أو أنه أصاب وأخطأ؟ إذاً فأنت أعلم منه، فمادمت أنك تصدقه فأنت أعلم منه، قال عمر: {فعجبنا له يسأله ويصدقه}.
قال أحد العلماء المالكية: إن السبب في إنكار ذلك (يسأله ويصدقه) أن هذه أمورٌ غيبية لا يعلمها إلا الله عز وجل، فهي لا تأتي إلا من مشكاة النبوة، فلما قال: صدقت كأنه يعرفها فأنكروا عليه، قال: {ثم قال: ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان، قال: صدقت} هنا لم يذكر الحج، وذكره في بعض الروايات، وعدم ذكره في بعض الروايات تصرف من بعض الرواة؛ لأنه علم أنه لما ذكر عليه الصلاة هذه الأركان علم أنه سوف يكمل الحج، وأنه من الأركان فاستفادوا ذلك، وهذا من باب الاختصار والإشارة، وقيل: لا، بل كان هذا النزول قبل أن يفرض الحج وهذا كأنه بعيد؛ لأن بعض أهل العلم كما يقول الحفاظ إذا لم يجد مخرجاً للرواية، ولم يجد رواية ثابتة قال: يمكن أن تكون متقدمة، ويمكن أن تكون هذه ناسخة لها وهذه منسوخة، وهذا لا دليل لهم عليه، بل ذكر صلى الله عليه وسلم الحج.