{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام:94] فعسى الله أن يجمع بيننا وبين أحبابنا في الجنة: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور:21] وانظر إلى التعبير.
يا أيها الإخوة! إن أعظم كلام كلام الله، انظر إلى الروعة! وانظر إلى الجمال! وانظر إلى الابداع!
وإنما أنا أتحدث عن كلام البشر، يقول سيد قطب: كلامنا وكلام الله عز وجل مثل هذا التراب، فمن التراب خلق الله الإنسان، وأنا وأنت وأبي وأبوك وجدي وجدك من التراب، ونحن نأتي أحيانا إلى التراب، فنصنع منه أدوات الخزف، أما ترى كيف نصنع الخزف من الماء والتراب؟! فصنع الله من التراب إنساناً، ونحن صنعنا الخزف، قال: فالكلام مثل التراب، الله جعل من هذا الكلام القرآن، ومن هذا الكلام كلامنا، فنسبة كلامنا إلى كلام الله كنسبة الخزف إلى الإنسان، وهذا مثل بديع.
ولذلك تحدى الله العرب، بقوله سبحانه وتعالى: (حم) وبقوله سبحانه وتعالى: (ألم) وبقوله: (ن) فكأنه يقول: هذه الحروف وهذه المادة وهذا الخام، وهذا الحديد والاسمنت والبلك، فابنوا، ولذلك لا يذكر الله الحروف المتقطعة إلا يذكر بعدها القرآن، يقول: هذا كلامكم، ألستم تعرفون الحاء والنون؟! بلى، فلماذا لا تأتون بمثل القرآن: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} [الإسراء:88].