تعرفون أنه في آخر الزمان يتكلم الرويبضة، وهو الذي لم يكن له قدر في الناس، أي يسود غير المسود، ويوسد الأمر إلى غير أهله، وقد جاء أبو العلاء المعري بأبيات يتكلم فيها عن هذا، يوم يقدم اللئيم، ويؤخر الكريم، ويصعد الذنب إلى الرأس، ويتأخر الرأس إلى الذنب، وهذا في الناس اليوم موجود، وهو من علامات الساعة، حتى تجد البيوت في القبائل المعروفة بالكرم والسماحة والندى والمجد، أصبحت الآن متأخرة، وتجد الرويبضة، والذين ليس لهم أثر، أصبحوا الآن يتكلمون ويشار إليهم، يقول أبو العلاء عن هذا:
إذا عير الطائي بالبخل مادر وعير قساً بالفهاهة باقل
وقال السهى للشمس أنت كسيفة وقال الدجى للبدر وجهك حائل
فيا موت زر إن الحياة ذميمة ويا نفس جدي إن دهرك هازل
أشرح الأبيات:
حاتم الطائي أكرم العرب، ومادر أبخل العرب، يقولون: كان مادر هذا من بخله إذا أراد أن يحتلب شاة يمصها من ثديها حتى لا يسمع الناس صوت الثدي في الإناء فيأتون، فـ مادر هذا يسب حاتم الطائي بالبخل كما يقول أبو العلاء:
إذا عير الطائي بالبخل مادر وعير قساً بالفهاهة باقل
قس بن ساعدة أخطب العرب، وعير قساً بالفهاهة باقل، وباقل أعيا العرب لا يتكلم، يقولون: كانت أمه تلقنه اسمه في أول النهار فينساه مع الظهر، فتخليوا باقلاً يسب قساً ويقول: ما كان فصيحاً، فهل أنت يا باقل فصيح؟! يقولون: إنه من حمقه كان فيه قلادة وضعتها أمه عليه حتى لا يختلط بالصبية، تعرفه إذا خرج الشارع فتأتي به، فأتى أخوه في الليل، فأخذ القلادة فلبسها، فأتى في الصباح، فقال: يا أخي أنت أنا فمن أنا؟!
(وقال السها للشمس أنت كسيفة) يقول الليل للشمس: أنت كسيفة، (وقال السهى) وهو نجم خافت (للبدر وجهك حائل).
فيا موت زر إن الحياة ذميمةٌ ويا نفس جدي إن دهرك هازل