أما متى يبدأ المسافر بالقصر في الصلاة، وهل هو من حين ينوي السفر وهو ما زال عند أهله، أم من بعد الخروج من الديار؟
والجواب على ذلك أنه إذا كان المسافر نوى السفر وهو ما زال مع أهله فليس له أن يقصر، وإذا خرج فله أن يقصر، فقد كان الصحابة إذا ركبوا دوابهم، ثم فارقوا شيئاً من بيوتهم قصروا وأفطروا، فهذا معلوم إلا إن الإمام مالكاً يقول: حتى يفارق عمران البلدة، ولكن هذا ليس عليه حديث صحيح، بل سن الله سبحانه وتعالى للمسافر، ولو كان في البلدة وقد خرج من بيته عازماً على السفر أن يقصر؛ لأن المقصود وسر المسألة موجود وهو السفر، والعلة ليست في المشقة، وبعض الناس إذا سافر يقول: أنا لا أجد مشقة في الطائرة وأنا راكب، فيظن أن هذا من باب الحساب والزيادة عند الله عز وجل، والله عز وجل إنما جعله تخفيفاً للأمة، وجعله سبحانه وتعالى لحكمة أرادها، وهو رخصة، فعليك أن تقبل رخصة الله التي أهداها لك، وهذا هو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس في القصر ولا في الفطر مسألة مشقة، إنما المسألة رخصة وهدية أهداها لنا سبحانه وتعالى.