ثم عرج به صلى الله عليه وسلم، فلما أتيا إلى السماء الدنيا طرق الباب، وهذا فيه حكمة مشروعية الاستئذان، وأن الداخل الأجنبي لا يجوز له الدخول إلا بعد أن يطرق الباب أو يستأذن، وهذا أصله في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما طرق جبريل عليه السلام الباب قالوا: من معك؟ وهذا فيه فائدة أخرى: أن أهل البيت لا يفتحون حتى يستفسروا من الداخل؛ لأنه قد يكون عدواً أو مجرماً، أو غير ذلك فلهم أن يقولوا: من؟ ومن السنة أن يقول الطارق أو المستأذن: أنا فلان بن فلان، ولا يقول: أنا فقط؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يعلم أصحابه ذلك، ولذلك يقول جابر: {طرقت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من؟ فقلت: أنا، قال: أنا أنا، كأنه كرهها صلى الله عليه وسلم} يقول ابن الجوزي: محتمل في كراهيته صلى الله عليه وسلم أمران: الأمر الأول: كراهيته لأنا أنا، وكأنه يقول: أنا الرجل المشهور الذي لا يحتاج إلى تعريف، وهذا عجبٌ ومدح وغرور، والأمر الثاني: أن فيه إبهاماً على أهل البيت؛ لأنه ما علمهم باسمه، فكان عليه الصلاة والسلام يطلب من أصحابه أن يعلم أحدهم باسمه، أو بكنيته، يقول أنس: {استأذن رجلٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: من؟ قال: أنا، أأدخل؟ فقال صلى الله عليه وسلم لمولاه: اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان قل له: قل: السلام عليكم أأدخل؟ فعلمه فقال: السلام عليكم، أأدخل؟ قال: ادخل}.