أيضاً من هذا المنبر أنا لا أخاطب أبناء الجزيرة فقط، أنا أخاطب من هنا العالم الإسلامي، كل مسلم يحضر معي، وليس عندنا هنا شاميٌ ولا حجازيٌ ولا يمنيٌ ولا سودانيٌ ولا مصري؛ لأن محمداً صلى الله عليه وسلم أتى بلافتة: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال:63] اسمحوا لي وقد كررت عليكم لكن أعيد الأبيات:
أنا الحجاز أنا نجد أنا يمنٌ أنا الجنوب بها دمعي وأشجاني
بالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا بـ الرقمتين وبـ الفسطاط جيراني
وفي ربا مكةٍ تاريخ ملحمةٍ على ثراها بنينا العالم الفاني
في روضة المصطفى روحي ووالهفي في روضة المصطفى عمري ورضواني
النيل مائي ومن عمان تذكرتي وفي الجزائر آمالي وتطوان
دمي تصبب في كابل منسكباً ودمعتي سكبت في سفح لبنان
فأينما ذكر اسم الله في بلدٍ عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني
أيضاً من يحضر منكم عليه أن يكون داعية في بلده، الإخوة السودانيون ينقلون الشريط والكتاب الإسلامي إلى بلدهم ويعيشون الصحوة هناك، الإخوة من الجزائر، الإخوة من سوريا، الإخوة من المغرب، من كل مكان، عليهم أن يكونوا دعاةً لمنهج الله، من الكويت، من الإمارات، من قطر، من البحرين، من عمان؛ لأن بلدنا واحد، ولا بد أن نسعى إلى توحيد الشمل، وإلى تأليف الكلمة، تحت لا إله إلا الله محمد رسول الله، فمثل هؤلاء يذهبون بالشريط الإسلامي وبالكتاب حتى يساهموا؛ لأنه يتصل بالهاتف والله يتصل بالهاتف حتى من بلادٍ نائية يقولون متى تصل الأشرطة، ولم نعرف لهم عنواناً، ولا نعرف بريداً، ولا نعرف كيف نوصل لهم؛ لأنهم قد يفقدون بعض الدعاة في بعض الأماكن، أو المنهج السديد، أو بعض الكتب، ترى دائماً الإخوة هنا يطلبون أن يتعاونوا وأن يأخذوا، وأهل الخير مستعدون للوقوف معهم حتى يكونوا وإياهم تحت مظلة واحدة.
أيضاً لا نسمح لأحد أن يحمل الحزازيات والتفرقات والعنصريات ليفرق بين المسلمين، كل هذه الأمة أمة واحدة، أراد الله عز وجل أن تكون أمة واحدة، لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى، فأتقانا أكرمنا عند الله: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13].
أيضاً أيها الإخوة الكرام لا يكفي -وقد قلت هذا وأقوله ويقوله غيري- أن يحضر الواحد منا في هذا المجلس ثم يذهب، لا بد أن يكون مؤثراً وداعية في الشريط والكتاب، يستغل المجلس فيحوله إلى مجلس خير، أنت تشتغل في شركة، تشتغل في مؤسسة، في بقالة، في دائرة، في مدرسة، في جامعة، عليك أن تكون أنت اللبنة، ومباركاً أينما كنت.
يقول ابن القيم: المبارك أينما كان هو الذي يدعو الناس في كل مكان.
أي أن قضية الإسلام تكون معك مثلما قال أبو الأعلى المودودي: الداعية المسلم كالذي به صداع فهو لا ينسى صداعه.
الذي عنده صداع في رأسه ينزل إلى السوق ولا ينسى الصداع، وأنت تحمل فكرتك.
يا إخوة دعونا نكون في مستوى من التأثير والمشاركة والفاعلية والتضحية كمستوى المبشرين، يذهب أحدهم إلى الشرق والغرب، وإلى حر أفريقيا وبرد سيبيريا حتى ينشر الدين المنسوخ، الدين المزعوم أنه للمسيح، ونحن على الإسلام لماذا لا نؤثر وندعو ونكون لبنات خير، التاجر في تجارته بماله، وصاحب الرأي برأيه.