تاسع عشر: فصل العالم الإسلامي بعضه عن بعض، وإيصاله إلى تمزقٍ لم يعهد مثله في التاريخ، وجعله دويلات متناحرة.
ففي كل بلدة تسمع الحرب والانقلابات، دويلات صغيرة، وفي كل مكانٍ أمير المؤمنين ومنبر، يقول الشاعر:
مما يزهدني في أرض أندلس ألقابُ معتصمٍ فيها ومعتضدِ
ألقاب مملكةٍ في غير موطنها كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسدِ
دولٌ أكثر من التراب، ولا تأتي إلا في ولاية من ولايات أمريكا، خمسة وعشرون دولة ما تأتي مثل جمهورية من جمهوريات روسيا، إما أذربيجان، أو كازاخستان، أو روسيا البيضاء، ولذلك بريطانيا لما استعمرت العالم العربي جعلت بين كل دولة ودولة مشكلة، لا تخرج إلا وتضع في الحدود مشكلة حتى يتقاتلوا عليها كل يوم، فمشكلة بين حدود مصر وليبيا، وبين السودان ومصر وبين العراق والأردن، وبين الأردن وسوريا، وهكذا مشكلات وحروب طاحنة، فتمزيق العالم الإسلامي في دويلات مقصود، وإلا فالعالم المسلم ليس له حدود، وجنسيته الإيمان، وهويته لا إله إلا الله، وبلاده كل أرضٍ أشرقت عليها شمس الرسالة.