السادس عشر: امتصاص دماء الشعوب في البلاد الإسلامية في ثورات ومعارك يستفيد منها غيرهم.
فما أضعف الشعوب الإسلامية! في تركيا قدموا بركاً من الدماء وخزانات، ثم أتى مصطفى أتاتورك الرجل الصنم عليه غضب الله، فلوى عنق الإسلام، وأخذ المصحف وداسه أمام البرلمان، وأخذ امرأة متحجبة من حزبه، ودعاها أمامه، ثم أخذ حجابها وقطعه أمام جزمته، وقال: لا حجاب بعد اليوم، وألغى اللغة العربية، وأغلق المساجد، وأدخل خيوله وبغاله في المسجد الأعظم في اسطنبول والشعب المسكين يريد الإسلام، فهو بلد مسلم، منهم محمد الفاتح.
يريدون لا إله إلا الله محمد رسول الله، فقال لهم مصطفى أتاتورك: قدموا دماءكم وانصروا دين الله، فقاموا وحاربوا، فلما سفكت دماؤهم استغل الفرصة هو.
الباكستان أرض محمد عرب وأبي الأعلى المودودي ومحمد إقبال.
نفسي فدتك أبا الأعلى وهل بقيت نفسي لأفديك من أهلٍ ومن صحبِ
أما استحى السجن من شيخٍ ومفرقه نور لغير طلاب الحق لم يشبِ
فلما أتى محمد علي جناح أخذ مقاليد الحكم ورفض الإسلام.
ابن باديس في الجزائر رحمه الله، من مدرسة السلف الصالح، ومن مدرسة أهل السنة والجماعة، والجبهة من مدرسة عبد الحميد بن باديس فهو الذي درسهم وعلمهم، فسر القرآن في خمس وعشرين سنة في جنوب الجزائر، حتى كانوا يأتون له في يوم التفسير -أظنه مساء الجمعة- على البغال والجمال من أنحاء الجزائر ودرسهم، فلما انتهى من سورة الناس بعد خمس وعشرين سنة، قام وبكى أمام الألوف المؤلفة، وقال: ليس المقصد من تفسيري لكم القرآن أن تكونوا نسخاً متكررة ميتة، إنما مقصودي أن تدمروا فرنسا، فقاموا يكبرون من المسجد، وخرجوا يقولون:
نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا
فذبحوا الفرنسيين على الطريقة الإسلامية، ولذلك يقول ميتران قبل أربع ليالٍ: إنني لا أستطيع أن أتدخل في الجزائر، لقد علم أنه لا يستطيع لأن الشعب مسلم:
إن بني عمك فيهم رماح
ولو كان في غير الجزائر لتدخل؛ لكن الجزائريين أمرهم معروف، وشجاعتهم، ومروءتهم وحزمهم معروفة.
والآن بعد طرد الفرنسيين من أولى أن يسير البلاد بالكتاب والسنة؟ لقد جاءوا بجوار رجل اسمه محمد خروبة، كان مجرماً سفاكاً فأتوا به فوضعوه، فسفك دماء الإسلاميين، وشنق العلماء، وقتل الدعاة، وفتح الزنزانات، هذا جزاء الشعوب.
ثم يقال للإسلام: نعم في المسبحة، ونعم في السواك، وفي صلاة الاستسقاء، وفي القراءة على المصروع، أما في تسيير الأمة فلا.