الحمد لله، نحمده تعالى ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عنوان هذا الدرس: كيف يذبح الإسلام؟
اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون؛ اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك؛ إنك تهدي من تشاء إلى صراطٍ مستقيم.
إخوة الإسلام عباد الله الصالحين: هذه المحاضرة لا بد منها، ولا بد من بيان الطرق التي ذبح بها الإسلام على طول تاريخه الطويل، وهذه الطريقة التي أريد أن أتحدث عنها هذه الليلة هي ذبحٌ للإسلام على الطريقة الإسلامية، وليست على الطريقة اليهودية ولا النصرانية ولا الشيوعية، لكنها ذبحٌ إسلامي بسكين المسلمين، وعلَّي أن أنفذ إلى مسائل يحتاجها الجيل؛ أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بها، وأن يهدينا وإياكم سواء السبيل.
ولابد للداعية أن يتحدث عن مغابن الشر وخفاياه، والداعية لا يتحدث من نفسه شوقاً إلى الحديث، ولكنه يتحدث مضطراً؛ كما قيل لأحد المحدثين وقد حضرته سكرات الموت كما ذكر الذهبي في السير وقال: كان في سكرات الموت، فسمع رجلاً يقول: حدثنا فلان عن فلان، وهذا الكلام طيبٌ إلى قلبه؛ لأنه في طول حياته كان يعيش على حدثنا حدثنا فاستيقظ وجلس، وأخذ يقول: حدثوني، قالوا: أنت في سكرات الموت، قال:
سقوني وقالوا لا تغن ولو سقوا جبال سليمى ما سُقِيتُ لغنتِ
والبيت هذا لـ مجنون ليلى كما قيل، فإنهم قالوا: سقوه الخمر ثم رفع عقيرته يغني، قالوا: لا تغن، قال: تسقوني الخمر ولا أغني؟!
والمقصود بالبيت: أن طالب العلم والداعية مضطر إلى أن يتكلم اضطراراً عن واقع المسلمين، وعن واقع الأمة، وأن يتقي الله سبحانه وتعالى، وأن يبين للناس الميثاق، قال سبحانه وتعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران:187] وقال جلت قدرته: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:159 - 160].