القضية الثالثة: هناك بعض الأسئلة فحواها: ما هي النصيحة للخطباء؟: ومن واقع الزمالة للخطباء ومن معرفة من تتاح لهم الخطابة فإني أطلب من إخواني الخطباء أموراً:
الأمر الأول: التقصير في الخطب على الناس: ألا يثقلوا على الناس في خطابة الجمعة، فإن الخطبة الطويلة مهما كانت جميلة فإنها مملة، وإن الرسول عليه الصلاة والسلام لحكمته رأى أن قِصَر خطبة الرجل وطول صلاته مَئِنَّة من فقهه فلا يطيل على الناس؛ لأن بعض الخطباء يخطب في الناس ساعة، وكأنها محاضرة، فيفقدها أهميتها، ثم يتلعثم في الكلام، ويعيد ويبدئ في الموضوع.
الأمر الثاني: ألا يجرِّح الهيئات ولا الأشخاص ولا المؤسسات ولا الجهات: فإن المنبر هذا لإسداء الحكمة، ولرد القلوب لبارئها، ولإصلاح الأنفس، ولاستجداء الرحمات من الله عزَّ وجلَّ، أما أن تكون الخطب سباً وشتماً فهذا أصلاً ليس من سياسة المنبر في الإسلام ولا من منهج الرسول صلى الله عليه وسلم، بل كان عليه الصلاة والسلام يقول: ما بال أقوام يصنعون كذا وكذا، فما كان يصرِّح عليه الصلاة والسلام.
الأمر الثالث: أن على الخطيب أن يتكلم في أمور تهم الناس ويعيشونها في واقعهم؛ ويسندها بالأقوال الصحيحة من القرآن الكريم، ومن سنة محمد عليه الصلاة والسلام، لأن بعض الخطباء يدخل في قضايا خرافية جدَلية، أو يرد على فكر قد انتهى، أو يأتي بقضايا لا يعيشها الناس مثلاًَ، وهذا ليس من الصحيح.
الأمر الرابع: أن على الخطيب أن يتأكد من الأحاديث الصحيحة؛ فلا يورد حديثاً ضعيفاً ولا موضوعاً إلا على سبيل البيان، أن يبين ضعفه أو وضعه، لأن بعض الخطباء كحاطب ليل، يورد من الخزعبلات التي تصد الناس عن معرفة المأثور عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا من الخطأ بمكان.
هذه بعض النصائح والفوائد، وعسى الله عزَّ وجلَّ أن ينفع، وأن يتقبل منا ومنكم صالح العمل، وأن يهدينا وإياكم سواء السبيل.