هذه رسالة من أحد الشباب يقول: أنا مقصر ومذنب، وكنت منحرفاً، وجئت مسجدكم في أحد الأيام لأحضر المحاضرة، فقال لي أحد الملتزمين: لماذا تدخل المسجد أنت تنجس المسجد؟ فانصرفت.
أستغفر الله! وإن كان هذا الأخ قال هذا فقد أذنب وأخطأ وقد أسرف على نفسه، فعليه أن يتوب إلى الله، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام: {أن عابداً من بني إسرائيل رأى رجلاً مسرفاً على نفسه فاسقاً فقال له: تب إلى الله.
قال: دعني وربي.
قال: تب إلى الله.
قال: دعني وربي.
قال: والله لا يغفر الله لك.
قال الله: من الذي يتألى عليَّ؟! أشهدكم أني غفرت له وأحبطت عمل ذاك}.
من الذي يحاسب الناس ويغفر الذنوب إلا الله؟ ومن الذي يملك النواصي ويطلع على صحائف الناس ويطلع على مكنونات القلوب إلا الله؟
وقد قرأت في سيرة عيسى عليه السلام أنه ذهب إلى بيت المقدس، ومعه رجل مقصر من بني إسرائيل، فلما اقترب الرجل المقصر من الباب، قال الرجل المقصر: أنا مثلي لا يدخل المسجد إني أنجسه.
فأوحى الله إلى عيسى: كلمة هذا المقصر -أو العاصي- خير من عبادة فلان العابد سبعين سنة؛ لأن روحه انكسرت وذل لله عز وجل.
فأوصي هذا الأخ أن يتقي الله، وألاَّ يكرر هذه الكلمات، أما الأخ الذي وفد فنقول له: حياك الله على الرحب والسعة، ولست بأول مذنب يتوب، ولست بأول داخل من باب العبودية: {فإن الله عز وجل أشد فرحاً بالتائب من العبد الذي ضلت راحلته في الصحراء، عليها طعامه وشرابه فوجدها، فقال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح} فهنيئاً لك التوبة والإقبال، وما معك إلا محب، وغالب الناس بل جل الأخيار يفرحون بتوبة المقصر، وما سمعت أحداً عرَّض بهم، لكن هذه سقطة من واحد أو عثرة لقلة عمله وفقهه، نسأل الله أن يتوب علينا وعليه.