وأما عبد الملك بن مروان فذكر الذهبي في السير عنه أنه لما حضرته الوفاة سمع غسالاً في وادٍ بجانب قصره، وكان عبد الملك خليفة في دمشق، والدولة الإسلامية تحت خلافته، وفي القصر كل ما لذ وطاب، فسمع غسالاً وهو في سكرات الموت، ولا يدري الغسال أن الخليفة في سكرات الموت، وما اشتغل الغسال بهم عبد الملك.
لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها
فأخذ الغسال يترنم فرحاً، فهو لم يسفك دماً وما تحمل ديوناً ولا عنده مظالم ولا خصومات، فأخذ يترنم بالنشيد، فأخذ عبد الملك في سكرات الموت يلصق وجهه بالتراب ويبكي ويقول: يا ليتني كنت غسالاً، يا ليتني ما عرفت الحياة، يا ليتني ما توليت الخلافة.
ونقلت هذه الكلمة إلى سيد التابعين سعيد بن المسيب قال: الحمد لله الذي جعلهم في الموت يفرون إلينا ولا نفر إليهم.
لماذا؟ لأنهم سكروا بلذة الدنيا فما استفاقوا إلا عند سكرات الموت.