السر الثالث: أنه لا صلاح للإنسان إلا في طاعة الله عز وجل، فإن كل خيرٍ من عنده سبحانه وتعالى، ولا يصرف السوء إلا هو، ولا يعطي ولا يفتح إلا المعلم سبحانه وتعالى المعطي الفتاح العليم الوهاب: {فخزائنه ملأى سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه سبحانه وتعالى} وفي الحديث القدسي العظيم الذي قاله رسول الهدى عليه الصلاة والسلام، ورواه مسلم عن أبي ذر أنه قال صلى الله عليه وسلم: {قال الله سبحانه وتعالى: يا عبادي: إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا.
يا عبادي: كلكم ضالٌ إلا من هديته فاستهدوني أهدكم.
يا عبادي: كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم.
يا عبادي: كلكم عار إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم.
يا عبادي: إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني.
يا عبادي: إنكم تذنبون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم.
يا عبادي: لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر.
يا عبادي: لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحد ما زاد ذلك من ملكي شيئاً.
يا عبادي: لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئاً.
يا عبادي: إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه}.
فعلى العبد أن يجتهد فيما يحب الله عز وجل ويرضى، وأن يتقرب إليه بالمحامد، فإن الله سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي الذي رواه البخاري عنه عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى: {وما تقرب إلي عبدي بأحب مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به إلخ}.