ثم قال حفظه الله: سادساً: وما وجد من اجتهاد لبعض العلماء وطلبة العلم فيما يكون فيه اجتهاد؛ فإن صاحبه لا يؤاخذ به، ولا يثرب عليه إذا كان أهلاً للاجتهاد.
فالعلماء يختلفون، والمسائل الفرعية ميدان الاختلاف بين أهل العلم، ولأهل العلم أعذارٌ في اختلافاتهم، ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه: رفع الملام عن الأئمة الأعلام، فإذا خالفتني في مسألة فرعية أو خالفتك فلا ينبغي لك أن تشنع بي أو أشنع بك، أو تشهر بي أو أشهر بك، أو تغضب علي أو تهجرني، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قد اختلف أصحابه في عهده في مسألة فرعية، وذلك حين أمرهم كما في الصحيح ألا يصلوا صلاة العصر إلا في بني قريظة، فبعض الصحابة فهم منه عليه الصلاة والسلام العجلة، قالوا: إنما يقصد من الكلام ومن ظاهره أن نستعجل، فصلوا في الطريق، وبعض الصحابة فهموا منه أنه ينص على ألا يصلوا إلا في بني قريظة، فأجلوا الصلاة إلى أن وصلوا بني قريظة، فصوب الجميع عليه الصلاة والسلام، ودعا للجميع، ولم يغضب على أحد منهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه: {إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد} فما عليك من أمة مرحومة مجتهدهم له أجران، ومخطئهم في الاجتهاد له أجرٌ واحد، فادع لمخطئهم في الاجتهاد، ولمصيبهم في الأمور التي يسوغ فيها الاجتهاد.