قال سماحته: ولا نرى مصلحة في مثل هذا العمل إلا للأعداء المتربصين، من أهل الكفر والنفاق، أو من أهل البدع والضلال، وكم من متمن يعض أنامله غيظاً على بلاد الإسلام والمسلمين وعلى الكعبة والمصحف.
لقد وقف -يا عباد الله- بعض رؤساء الجريمة في العالم يأخذ المصحف ويدوسه تحت قدمه، ويقول: بقي عند المسلمين اثنتان: المصحف والكعبة، ولا انتصار على هذا العالم إلا بتمزيق هذا الكتاب وهدم الكعبة.
عن طريق ماذا؟ عن طريق إبطال دعوة الدعاة؛ لأن الله جعلهم نوراً، والرسول صلى الله عليه وسلم عدلهم، وهم خلفاؤه عليه الصلاة والسلام في الأمة.
قال سماحته: ثالثاً: أن هذا العمل فيه مظاهرة ومعاونة للمغرضين من العلمانيين والمستغربين وغيرهم من الملاحدة الذين اشتُهر عنهم الوقيعة في الدعاة، والكذب عليهم، والتحريض ضدهم فيما كتبوه وسجلوه.
فكل مسلم ينال من داعية سواء الذي سجل شريطاً أو وزع كتاباً أو نشر منشوراً ضد الدعاة، فهو متعاون مع العلماني الذي يرى أن الإسلام لا يستطيع أن يحكم العالم، مع العلماني الذي يرى أن الإسلام أن تصلي وتصوم فقط، لكن ألا يتدخل الإسلام في حياة الناس، مع العلماني الذي يريد الدنيا بلا دين، فأنت يا أيها البعيد بفعلك هذا كأنك -في كلام سماحته- تناصره، وتشد من أزره، وتقويه على ما يفعل؛ لأنه يريد أن يخترم هذا الميدان.
ودعاة العلمنة -صراحة- لم يستطيعوا بحمد الله سبحانه وتعالى أن يؤثروا في هذا الكيان، دخلوا بترويجات فما ذهبت على الأمة، ومطالب فما استطيعت، أرادوا إبطال قناعة الناس في الدعاة والعلماء فما استطاعوا، فأخذوا ينفثون السموم، وينشرون الأشرطة والكتيبات نشراً عجيباً بمئات الألوف من النسخ لإبطال عدالة الدعاة.
وكما تفضل سماحته أن هذا أعظم انتصار للعلمانيين، يوم يجدون بعض المبتدئين في طلب العلم، أو عامة المسلمين ينالون من الدعاة، ويصفونهم بعدم الفهم والعنف والتطرف.
قال: وليس من حق الأخوة الإسلامية أن يعين هؤلاء المتعجلون أعداءهم على إخوانهم من طلبة العلم والدعاة وغيرهم.
إن رميت رميت بسهمي، وإن ضربت ضربت جسمي.
فإما أن تكون أخي بصدق فأعرف منك غثي من سميني
وإلا فاطرحني واتخذني عدواً أتقيك وتتقيني
فإني لو تخالفني شمالي ببغض ما وصلت بها يميني
إذاً لقطعتها ولقلت بيني كذلك أجتوي من يجتويني
ولقد أثبتت الأحداث -أيها المسلمون- التي مرت بها الأمة الإسلامية عموماً والبلاد خصوصاً أن الدعاة هم بإذن الله صمام الأمان للأمة، وأنتم تعرفون ماذا أراد حزب البعث الكافر المجرم بالبلاد أو بالعالم الإسلامي، فما كان من الدعاة إلا أن امتطوا صهوات المنابر منددين بهذا النظام وعروه وفضحوه، بل يعلم الله الذي لا إله إلا هو قبل موعد المواجهة مع هذا الحزب الكافر، لقد كان كثير من الدعاة على مشارف حدود البلاد والمقدسات في طوابير الجيش يلقون عليهم الخطب، ويقرءون عليهم سورة الأنفال، ويوجهونهم بالصبر والثبات؛ حتى يحطموا هذا الحزب الكافر العلماني.
وهذا الذي يشهد عليه الله، فلم يكونوا متحزبين مع هذه الأحزاب الباطلة العلمانية الكافرة، بل كانوا ضدها، وحرباً في وجهها منددين ومشهرين بها، يدلون الأمة على ما ينجيهم في الدنيا والآخرة.