في الصيف القادم بعد موسم الامتحانات سوف يكون موسم للزواجات، نسأل الله أن يتممه بالخير وأن يصلح منا الظاهر والباطن، وقد وصل إلي ما يقارب عشرين دعوة زواج، ولي اقتراح! أما من استطاع حضوره فهذا وارد، وأما إذا تعارض موعدان فهذا فيه مشقة، وعلى الدعاة حضور هذه الزواجات، وعدم الاعتذار، لكن هناك وجهات نظر أعرضها عليكم:
منها حفظكم الله: أنه لا يُؤيد أن يتخذ الزواج -من باب خوف الملل- محاضرة من أوله إلى آخره، فلو نوَّع البرنامج لكان أحسن، من كان عنده زواج فليأخذ هذه الفقرات ويعرضها على الناس، وليعرضها على طلبة علم، أو على مخيم صيفي، أو على ثانوية متوسطة يقومون بهذا البرنامج، كأن يكون البرنامج مدته ساعة أو ساعة ونصف فقط ولا يزيد.
فيبدأ هذا البرنامج بآيات من كتاب الله، ثم أحاديث من كلامه عليه الصلاة والسلام، ثم قصيدة عربية ولا بأس بقصيدة نبطية، ثم نشيد إسلامي يقدمه مجموعة من الطلبة، ثم نكات وطرائف، ثم مجلة، ثم ترجمة صحابي، ولا بأس بلعبة رياضية أمام الناس، ولا بأس أن يأتي كبير السن ويجعل له عشر دقائق أو ربع ساعة يتحدث عما كان عليه الناس وما أصبحوا فيه من النعم والخيرات، ثم يتحدث عن توجيه للزوجين وللمجتمع.
فهذا الذي أُرشحه.
الثاني: على الدعاة أن يختاروا الموضوع المناسب في الزواج، فلا يأتون بموضوع عذاب القبر ولا الموت، لأن الناس في حياة وليسوا بعزاء، ولا يبكي الناس فيتركون العشاء ويتباكون في طرف المخيمات، بل يشجعهم ويضحكهم ويسليهم ويعرض لهم قضايا هامة تنفعهم، فلكل مقام مقال:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلى مضر كوضع السيف في موضع الندى
الثالث: أقترح على المتزوج أن يستصحب هدية للحضور، وهي أشرطة إسلامية ما بين مائتين إلى ثلاثمائة شريط يصرفها، وقيمتها سهلة ويسيرة من التكاليف الباهضة التي تصرف -أحياناً- في غير طاعة الله، فيأخذ مائتين إلى ثلاثمائة شريط مع كتيب مع كل شريط ويقدمه للحضور، لكل فرد هدية، وسوف ينفع الله بها نفعاً كثيراً، وأرجو أن يكون في الحساب.
الرابع: أرى كذلك -وهذه وجهة نظر أعرضها عليكم وما نحن إلا إخوة بعضنا يستفيد من بعض- أن الزلفة والزير والحفلات الشعبية التي يصحبها المعازف محرمة، وهذه فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز أنقلها عنه، وأنا متأكد مما أقول، سمعتها من فمه مباشرة، وهو مرجعنا في الفتيا، وهو عالم البلاد الإسلامية شرقاً وغرباً، وشيخ الإسلام في هذا العصر:
إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام
قال: دلت النصوص على تحريم ذلك.
وأتى بروايات وهي مشفية، فلا نريد أن يعود الناس إلى الوراء، بل يجددوا من أفكارهم وثقافتهم وإيمانهم، ولا يعبثون بعد أن يأكلوا نعم الله، فيقومون يتراقصون على الزيرة والزلفة فهذا من الخطأ.
أما النساء فلا بأس أن يجتمعن على دفٍٍ يضرب بالأيدي، ولا بأس أن يرقصن بشرط ألا يخالطهن الرجال، ولا يكون عندهن آلات لهو كالأشرطة الغنائية، فإنها خمر العقول، وهي محرمة بإجماع أهل العلم.
وقد أصدرت هيئة كبار العلماء في بلادنا فتوى بخصوص تحريم الغناء.
ومن الرأي أيضاً: ألَّا يُؤخر العشاء على الناس -وهذا من الاستملاحات ما دام ذكر الزواج- فإن بعض الناس لا يقدم مؤدبته إلى ما يقارب الحادية عشرة أو الثانية عشرة، وقد ملَّ الناس وليس له ذلك، بل يحصر البرنامج، ومباشرة بعده يقدم للناس أكلهم وطعامهم.
ثم يُراعي عدم التبذير، فيحاول معرفة عدد الحضور وعدد ما يقدم لهم من الطعام.
ومن الملاحظات أيضاً: أن هنا قسم استقبال الولائم تحت جمعية البر، فمن عنده وليمة كبرى وخاف أن يفسد الطعام أو أن يبذر؛ فليتصل بهذه وينسق معها، ويأتون بسياراتهم ويأخذون ما بقي من ولائم ويوزعونها على الفقراء الذين لا يجدون اللحم من شهر إلى شهرين.
وهذا أمر معلوم.
وملاحظة أخرى: كثير من الدعوات تأتي لإلقاء محاضرات إلى بعض المناطق، والداعية لا يستطيع بمفرده أن يتنقل في كل منطقة، فوصيتي لطلبة العلم في كل منطقة أن يحرصوا على أخذ الشريط، كل جديد بجديده، وكل موضوع بموضوعه، وينزلونها إلى قراباتهم وجماعاتهم؛ ليكونوا أئمة لهم في الخير، فإن الله ينفع بها، وهذا شيء يريح الداعية، ويعمم النفع والفائدة للناس بإذنه سبحانه وتعالى.