Q هل لكل واحد أن يدعو إلى الله عزَّ وجلَّ؟ وما هي شروط الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ؟ وإذا وجَد معارضة من الناس فماذا يفعل؟
صلى الله عليه وسلم أما الدعوة فإنها واجبة على المستطيع من الناس كلٌّ بحسبه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم عمَّمها، وليست الدعوة -أيها الإخوة- كالفُتيا، لأن بعض الإخوة يتهيَّب من الدعوة ويقول: أنا ما بلغت المستوى وليس عندي علم، والدعوة تختلف عن الفُتيا، فالفتوى لأناس بلغوا من العلم مبلغاً، أما الدعوة فلكل من يستطيع أن يفهم آية أو حديثاًَ، قال صلى الله عليه وسلم: {بلِّغوا عني ولو آية} وقال: {نضَّر الله امرءاً سمع مني مقالة فوعاها فأداها كما سمعها، فرب مبلَّغ أوعى من سامع} هذه مسألة.
أما شروطها: فهو الالتزام بالسنة، ولا يُشترط عند أهل العلم أن يكون الإنسان خالياً من العيوب والنقائص والمعاصي فإن هذا لا يكون، وهذا في الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، أما في الناس فمن انتظر حتى يكمُل فلن يكمُل أحد، والشيطان يدخل على بعض الناس فيقول: إذا أتممتُ استقامتي وأتممتُ علمي أدعو إلى الله، فيضيع نفسه ويضيع دعوته ويبقى مكانه، بل مما يعين على الالتزام: الدعوة، فإنها تعينك على نفسك وتجعل نفسك دائماً في حياء وفي خجل حتى تستقيم على أمر الله عزَّ وجلَّ.
المقصد: أنك تدعو بما تيسَّر، ولو أن تعلِّم الناس الفاتحة.
وقد رأيت في ترجمة الخليل بن أحمد الفراهيدي وهو زهراني -كما قال أهل العلم، وصاحب سير أعلام النبلاء ذكر ذلك- وهو من فراهيد، وقد كان الخليل من أذكياء العالَم، يقول: لأعملن حساباً أجعل الجارية -البنت الصغيرة- تذهب إلى البقَّال فلا يظلمها شيئاً، وهو الذي اكتشف ستة عشر بحراً في العَروض والقافية، وجلس يفكر، وكان يغمض عينيه في التفكير حتى اصطدم بسارية المسجد فمات، والخطأ منه وليس من السارية.
فهذا الخليل بن أحمد من أذكى الناس، وكان عابداً ناسكاً، أتى بالعَروض والقوافي والبحور ينَظِّمُها، فلما توفي رئي في المنام، قيل: ما فعل الله بك؟ قال: ما نفعتني العَروض ولا القافية ولا علم اللغة، إنما كنتُ أعلم عجائز في قريتي الفاتحة فأدخلني الله بها الجنة.
فالتعليم يكون بتعليم الفاتحة، وتعليم أركان الإسلام، وتعليم (لا إله إلا الله) وغير ذلك.