أولها -إخوتي في الله-: المحافظة على الفرائض، وأعظمها الصلاة، قال تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء:103] وقال تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت:45] أول ما نبدأ بالصلاة، وأول ما يُفقد من الدين الصلاة، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه: {بين المسلم والكافر ترك الصلاة} وقال عليه الصلاة والسلام: {العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر} الصلاة في وقتها روعة المثل والمبادئ، وعظمةُ الإقرار لله بالوحدانية تتمثل في الصلاة.
كتب عمر إلى سعد -رضي الله عن الجليلين النبيلين- يوم كنا سادة الأمم، يوم كنا قادة الشعوب، يوم كان عمر بملحفه الممزق المرقع إذا ذُكِرَ عند كسرى أُغمي على كسرى:
يا من يرى عمراً تكسوه بردته والزيت أدمٌ له والكوخ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقاً من خوفه وملوك الروم تخشاه
كتب إلى سعد وهو في القادسية: [[الله الله في الصلاة، فإن أخوف ما أخاف عليكم ترك الصلاة]] فإذا تركت الصلاة فهو الانهزام والفشل، وإذا تركت الصلاة فهو الزنا والربا والخمر والإلحاد والخروج عن القيم، ولذلك عرف السلف الصلاة فقدَّروها حق قدرها.
حضرت الوفاة سعيد بن المسيب سيد التابعين، فبكت بنته عند رأسه، فقال: يا بنية! لا تبك عليّ، والله ما أذن المؤذن من أربعين سنة إلا وأنا في مسجده عليه الصلاة والسلام.
وقال الأعمش -العالم الزاهد الكبير- لابنته: والله ما فاتتني تكبيرة الإحرام في جماعة أربعين سنة.
إن مصداقية التمثل بهذا الدين في الصلوات الخمس، وإن انتصارك على الشهوات في بلد الشهوات والمغريات، هي أداء الصلوات الخمس في جماعة بخضوعٍ وركوعٍ وسجود.
ولذلك قال ثابت بن عامر بن عبد الله بن الزبير: يا رب! أسألك الميتة الحسنة، قالوا: وما الميتة الحسنة؟ قال: أن يتوفاني الله وأنا ساجد، فقبض الله روحه وهو ساجد.
قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69] وإيمانٌ ليس فيه صلاةٌ جماعة بخشوع ليس بإيمان، وإيمان ليس فيه صلاةٌ بأداء وحرارة ليس بإيمان، وإن من علامات النفاق ترك الصلاة جماعة، حتى قال ابن مسعود: [[كنا نعد من يتخلف عن الصلاة منافقٌ معلوم النفاق]].
نشتكي أحوالنا ونشتكي أمراضنا نشتكي أدواءنا ولم نعرف ما هو المرض.
إننا يوم تخلينا عن معالم الإيمان، سلبت ديارنا، وانتهكت مبادئنا، وذهبت عقيدتنا إلا في قلوب من رحم الله تبارك وتعالى.
فلسطين ما ذهبت إلا يوم ضعف الإيمان، وما دمرت أفغانستان إلا يوم ذهب أمثال قتيبة فاتح كابل وأمثالها من المدن؛ ولذلك أنلوم من؟ نلوم أنفسنا، ونلوم ما نحمله في قلوبنا من عدم توطدٍ لهذا الدين.
أمتي هل لك بين الأممِ منبرٌ للسيف أو للقلمِ
أتلقاك وطرفي حاسرٌ أسفاً من أمسك المنصرم
ألإسرائيل تعلو رايةٌ في حمى المهد وظل الحرم
أوما كنت إذا البغي اعتدى موجةٍ من لهبٍ أو من دمِ
يا إخوتي في الله! يا حملة الإيمان في بلاد الطغيان! يا قادة الفكر الموجه! يا ممثل الرسالة الخالدة! لا يمكن أن نحافظ على الإيمان إلا بأصول الإيمان، ومن أعظمها الصلاة.