إذا علم هذا أيها الإخوة، فقد ورد في السير والمغازي عنه صلى الله عليه وسلم: {أن غلامين اقتتلا، فقال غلام من المهاجرين: يا للمهاجرين؛ لأنه يقاتل الأنصار، ونادى الأنصاري: يا للأنصار، فقال صلى الله عليه وسلم: أبدعوى أهل الجاهلية وأنا بين أظهركم؟! دعوها فإنها منتنة} رواه مسلم في صحيحه.
فذمها صلى الله عليه وسلم لما قال هذا: يا للمهاجرين، ولما قال هذا: يا للأنصار، مع العلم أن اسم الأنصار واسم المهاجرين اسمان شرعيان وردا في كتاب الله عز وجل وفي سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن لما استخدما استخداماً خاطئاً منع ذلك سبحانه وتعالى، ولذلك لا يجوز أن يستدعي الإنسان حزبه، أو فئته، أو طائفته على فئة من المسلمين الأخرى بهذا الطريق؛ فإن هذا محرم؛ لأن هذا طريق للتفكك وللقتال وللتشاحن، قال: وقريب من هذا ما حصل لـ سلمان يوم أحد لما رمى أحد المشركين وقال: {خذها وأنا الفارسي -وسلمان فارسي- قال: خذها وأنا الفارسي، فقال له صلى الله عليه وسلم: هلا قلت: وأنا الرجل المسلم}.
يقول: لماذا لم تقل: وأنا الرجل المسلم؟
ونحوه ما رواه أبو داود في كتاب الأدب، باب العصبية نحو هذا.
وقد قال شيخ الإسلام رحمه الله: روِّينا عن معاوية بن أبي سفيان أنه سأل ابن عباس فقال: أأنت على ملة علي أم على ملة عثمان -لأن معاوية يميل إلى عثمان -؟ قال: لست على ملة علي ولا على ملة عثمان، لكن أنا على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين.
وهذا عندما دخل عنده وقت المنازعات، ووقت ما حصل بين الأمة غفر الله للجميع.
ذكره ابن بطة في الإبانة واللالكائي.
وكان السلف يحذرون من الأهواء، ويقول أحدهم: ما أبالي أي النعمتين أعظم: أن هداني الله للإسلام أو جنبني هذه الأهواء.
فنعمة الله عليك أن لم يجعلك مبتدعاً، لا خارجياً ولا رافضياً ولا قدرياً ولا جبرياً ولكن جعلك سنياً حنيفاً مسلماً والحمد لله.