وعند أبي داود عن عبيد بن حصين قال صلى الله عليه وسلم قل: {اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي}.
وقد قص الله علينا أخبار الأمم الذين تفرقوا بسبب الهوى، وحذرنا الله سبحانه وتعالى من شبههم وحذرنا من طريقهم، بل قال أهل العلم: إذا كان التمذهب سبباً للخلاف والفرقة فإنه يحرم، إذا كان كونك حنبلياً وذاك حنفياً وذاك شافعياً وهذا مالكياً سبباً للخلاف والفرقة فإنه يحرم، أيضاً: إذا كان كونك إخوانياً أو سلفياً أو تبليغياً أو سرورياً سبباً للفرقة والخلاف بين المسلمين فإنه يحرم، قال سبحانه وتعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} [الأنفال:46].
{وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:105] وقال سبحانه وتعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103] وقال جل ذكره: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:10] وقال سبحانه: {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} [البقرة:118] وقال سبحانه: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} [فصلت:43].
فقد حذره سبحانه من الخلاف وحذر أمته كما حذر الذين من قبله من الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأخبرنا عليه الصلاة والسلام أنه سوف يقع الخلاف بالأمة وسوف يتبع بعضنا بعض الذين من قبلنا من اليهود والنصارى، كما قال صلى الله عليه وسلم عند البخاري والمسند لـ أحمد: {لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟} والقذة: ريشة السهم، وهو ما يشبه رصاصة البندق، والمعنى: أنا سوف نتبعهم في كثير من أمورنا، وقد وقع ما قال عليه الصلاة والسلام، فمنا من اتبعهم في المناهج، ومنا من اتبعهم في الزي، ومنا من اتبعهم في الأخلاق، ومنا من اتبعهم في المعتقد، ومنا من اتبعهم في السلوك، ومنا من عصم الله فلم يتبعهم: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:120].