(فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)

التحلي بالصبر من شيم الأفذاذ الذين يتلقون المكاره برحابة صدر، وبقوة إرادة، وبمناعة أبية، وإن لم أصبر أنا وأنت فماذا نصنع؟!

هل عندك حل لنا غير الصبر؟! هل تعلم لنا زاداً غيره؟!

كان أحد العظماء مسرحاً تركض فيه المصائب، وميداناً تتسابق فيه النكبات، كلما خرج من نكبة دخل في أخرى، وكلما نجا من كربة تعرض لثانية، وهو متترس بالصبر، متدرع بالثقة بالله، حتى قال:

إن كان عندك يا زمان بقيةٌ مما يُهان بها الكرام فهاتِها

فجعل الله له فرجاً ومخرجاً.

هكذا يفعل النبلاء، يصارعون الملمات، ويطرحون النكبات أرضاً، دُخِل على أبي بكر وهو مريض، فقال مَن حوله: [[ألا ندعو لك طبيباً؟ قال: الطبيب قد رآني، قالوا: فماذا قال؟ قال: يقول: إني فعَّال لما أريد]].

كيف أشكو إلى طبيبي ما بي والذي قد أصابني من طبيبي؟!

قال ابن المرتعش: ذهبت عيني من أربعين سنة، ما علمت ابنتي ولا زوجتي.

وفي مقالات لأحد المعاصرين أنه عرف جاراً له مقعداً من عشرين سنة، يقول: والله ما أَنَّ ولا اشتكى، وما زال يحمد ربه حتى مات، {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل:127] اصبر صبر واثق بالفرج، عالم بحسن المصير، طالب للأجر، راغب في تكفير السيئات، اصبر مهما ادلهمت الخطوب، وأظلمت أمامك الدروب، فإن النصر مع الصبر، وإن الفرج مع الكرب، و {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} [الشرح:6].

وقد قرأت سِيَر عظماء مروا في هذه الدنيا، وذهلت لعظيم صبرهم، وقوة احتمالهم، كانت المصائب تقع على رءوسهم كأنها قطرات ماء باردة، وهم في ثبات الجبال، وفي رسوخ الحق، فما هو إلا وقت قصير فتُشرق وجوههم على طلائع فجر الفرج، وفرحة الفتح، وعصر النصر، وأحدهم ما اكتفى بالصبر وحده، بل رضي وتبسم واحتسب فكان الثواب والأجر والفرج.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015