الحسد كالآكلة المُلحة، تنخر العظم نخراً، إن الحسد مرض مزمن يعيث في الجسم فساداً، وقد قيل: لا راحة لحسود فهو ظالم في ثوب مظلوم، وعدو في جلباب صديق.
وقد قالوا: لله در الحسد ما أعدله! بدأ بصاحبه فقتله.
إنني أنهى نفسي ونفسك عن الحسد رحمة بي وبك، قبل أن نرحم الآخرين؛ لأننا بحسدنا لهم نطعم الهَمَّ لحومنا، ونسقي الغم دماءنا، ونوزع نوم جفوننا على الآخرين.
إن الحاسد يشعل فرناً ساخناً ثم يقتحم فيه.
التنغيص والكدر والهم الحاضر أمراض يولدها الحسد؛ لتقضي على الراحة والحياة الطيبة الجميلة.
بلية الحاسد أنه خاصم القضاء، واتهم الباري في العدل، وأساء الأدب، وخالف الشرع، وقدح في العقل.
يا لَلْحسد من مرض! لا يؤجر عليه صاحبه، ومن بلاء لا يثاب عليه المبتلى به، وسوف يبقى هذا الحاسد في حرقة دائمة حتى يموت، أو تذهب نعم الناس عنهم، كلٌّ يصالح إلا الحاسد.
أعطيت كل الناس من نفس الرضا إلا الحسود فإنه أعياني
ما لي له ذنب عليَّ علمتُه إلا ترادف نعمة الرحمن
وأبى فما يرضيه إلا ذلتي وذهاب أموالي وقطع لساني
إن الحاسد يريد شيئاً محدداً لا غيره، يريد أن تتنازل عن مواهبك أن تلغي خصائصك أن تترك مناقبك، فإن فعلت ذلك فلعله يرضى على مضض، نعوذ بالله من شر حاسد إذا حسد، فإنه يصبح كالثعبان الأسود السام، لا يقر قراره حتى يفرغ سمه في جسم بريء.
فأنهاك أنهاك عن الحسد، واستعذ بالله من الحاسد، فإنه لك بالمرصاد.