(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ)

من الذي يفزع إليه المكروب؟! ومن الذي يستغيث به المنكوب؟! من الذي تصمد إليه الكائنات؟! ومن الذي تسأله المخلوقات؟! ومن الذي يلتجئ إليه العباد؟! ومن الذي تلهج الألسنة بذكره؟! ومن الذي تألهه القلوب؟! من هو الواحد الأحد؟!

إنه الله الذي لا إله إلا هو.

وحق عليَّ وعليك أن ندعوه في الشدة والرخاء، والسراء والضراء، ونفزع إليه في الملمات، ونتوسل إليه في الكربات، وننطرح على عتبات بابه سائلين باكين ضارعين منيبين، حينها يأتينا مدده، ويصل إلينا عونه، ويسرع إلينا فرجه، ويحل علينا فتحه، فينجي الغريق، ويرد الغائب، ويعافى المبتلى، وينصر المظلوم، ويهدي الضال، ويشفي المريض، ويفرج عن المكروب: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [العنكبوت:65] ولن أسرد عليكم هنا أدعية إزالة الهم والحزن والغم، فهي معلومة في كتب السنة.

إذا وجدت الطريق إلى ربك فقد وجدت كل شيء، وإن فقدت الإيمان به؛ فقد فقدت كل شيء، إن دعاءك ربك عبادة أخرى، وطاعة عظمى ثانية فوق حصول المطلوب، وإن عبداً يجيد فن الدعاء حري ألا يهتم ولا يغتم، ولا يحزن، ولا يقلق: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:51].

كل الحبال تتصرم إلا حبله، كل الأبواب توصد إلا بابه، كل الطرق تغلق إلا طريقه، هو قريب سميع مجيب {يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النمل:62] يأمرك -وأنت الفقير الضعيف المحتاج، وهو الغني القوي الواحد الماجد- بأن تدعوه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60] إذا نزلت بك النوازل، إذا ألمت بك الخطوب، فالهج بذكره، واهتف باسمه، واطلب مدده، واسأله فتحه ونصره، مرِّغ الجبين لتقديس اسمه لتحصل على تاج الحرية، وأرغم الأنف في طين عبوديته لتحوز وسام النجاة، مد يديك، ارفع كفيك، أطلق لسانك، أكثر من طلبه، بالغ في سؤاله، ألح عليه، الزم بابه، انتظر لطفه، ترقب فتحه، اشدُ باسمه، أحسن الظن به، انقطع إليه، تبتل إليه تبتيلاً حتى تسعد وتفلح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015