الجميل كاسْمِه، والمعروف كرَسْمِه، والخير كطعمه، أول المستفيدين من إحسان الناس هم المتفضلون بهذا الإسعاد، يجنون ثمرته عاجلاً في نفوسهم، وأخلاقهم، وضمائرهم، فيجدون الانشراح، ويحسون بالانبساط، ويعيشون الهدوء، ويلمسون السكينة.
فإذا طاف بك طائف من همٍّ، أو أَلَمَّ بك غم فامنح غيرك معروفاً، واسْدِ له جميلاً، تجد الفرج والراحة.
اعط محروماً، انصر مظلوماً، انقذ مكروباً، أطعم جائعاً، عُدْ مريضاً، واسِ منكوباً، تجد السعادة تغمرك من بين يديك ومن خلفك.
إن فعل الخير كالمسك ينفع حامله وبائعه ومشتريه، وعوائد الخير النفسية عقاقير مباركة تصرف في صيدلية الذين عُمرت قلوبهم بالبر والإحسان.
إن توزيع البسمات المشرقة على فقراء الأخلاق صدقة جارية في عالم القيم: {ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق} وإن عبوس الوجه إعلان حرب ضروس على الآخرين، لا يعلم قيامها إلا علام الغيوب.
شربة ماء من كف بغي لكلب عقور؛ أثمرت دخول جنة عرضها السماوات والأرض؛ لأن صاحب الثواب غفور، شكور، يحب العفو، محسن، غني، حميد.
يا من تهددهم كوابيس الشقاء! يا من ترهبهم أحلام الفناء! يا من يزلزلهم الفزع! يا من يهزهم القلق والخوف! هلموا إلى بستان المعروف، تشاغلوا بالغير عطاءً وضيافة ومواساة وإعانة وخدمة، وستجدون السعادة طعماً ولوناً وذوقاً: {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل:19 - 21].