الأول: العلم المنافي للجهل: أن تعلم أنه لا يستحق العبادة إلا الواحد الأحد، لا أن تفعل شيئاً وأنت لا تعتقده، أي تعلمه علم اليقين من قلبك، ولا بد أن تعلم طفلك وأمك الكبيرة وجدتك معنى هذه الكلمة حتى تموت على لا إله إلا الله، لأن بعض الناس يظن أنه إذا قال: لا إله إلا الله نجا، وأنه لا يعذب في الآخرة، ثم تجد لا إله إلا الله في وادٍ وهو في وادٍ، فلا يصرف العبادة لله، ولا يعبد الله، ولا يخلص له ديناً، ويقول: يكفي أن أقول لا إله إلا الله وقد أخطأ؛ فإن الرسول عليه الصلاة والسلام لما سئل عمن هو أسعد الناس بشفاعته عليه الصلاة السلام قال: {من قال لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه} قال أهل العلم: مخلصاً: أي يعمل بمقتضى لا إله إلا الله؛ فأنت تعلم أنه لا إله إلا الله علماً، أي تدرسها دراسة، لا تقلد الآباء، لأن كثيراً من الأجيال والشرائح في المجتمع يقلدون آباءهم وأجدادهم، قالوا: وجدناهم يعبدون فعبدنا، وهذا منطق أبي لهب وأبي جهل، فلا تأخذ الدين وراثة، بل تتعلمه وتدرسه، وتسأل آباءك وأستاذك، وتسأل العلماء عن معنى لا إله إلا الله.
الثاني: اليقين: ومعناه أن تتيقن بقلبك وتعتقد اعتقاداً جازماً بهذا؛ لأن المنافق قد يعلم لا إله إلا الله، ولكن لا يعتقد جدواها، يعلم مثلاً أنه لا يستحق العبادة إلا الله، لكن قلبه يأبى، أما المؤمن فيتيقن يقيناً لا شك فيه.
الثالث: القبول: فبعضهم يعلم ويتيقن، ولكن لا يقبل لا إله إلا الله، ولا يقبل ما بعث به عليه الصلاة والسلام، فلابد أن تقبله وتجعله على عينك ورأسك قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء:65] وبعض الناس يأخذ شيئاً من الإسلام ويترك شيئاً، انظر إليهم في السنن الآن، بعضهم يتضايق من بعض السنن، يقول: يكفي أن أصلى وأن أصوم وأن أحج، أما هذه فثقيلة أو لا أستطيع، فهم من الذين آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض، وهم من الذين جعلوا دينهم عضين، ومن الذين فرقوا دينهم، فهؤلاء لا يرضى الله عملهم حتى يتموا القبول من الرسول عليه الصلاة والسلام، فعليك أن تقبل وأن تجعل ما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم أغلى عندك من مالك ودمك وأهلك ونفسك.
الرابع: الانقياد: إذا قبلت ما جاء به صلى الله عليه وسلم فعليك أن تنقاد كما ينقاد الجمل لصاحبه، والمؤمن أكرم لكنك تسلم مقاليد نفسك وحياتك للرسول صلى الله عليه وسلم، فتعطيه معتقدك وحياتك وأدبك وسلوكك وأخلاقك، وتلزم كل حياتك على منهجه صلى الله عليه وسلم، فإن بعضهم الآن يأخذ منهج حياته في المعتقد من الإسلام، وفي الأخلاق من الغرب، وفي السلوك من الشرق، وفي الأعمال والمعاملة من فلان وعلان، فخذ أنت منهجك من محمد عليه الصلاة والسلام وحده: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب:21].
الخامس: الإخلاص: فلا تقولها رياءً، أو لا تعبد الله عز وجل رياءً بل كما قال تعالى: {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة:5] {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر:3] فهو الذي يطلع على السرائر، وهو الذي يعلم ما في الضمائر، فتخلص له العبادة.
يقول الله عز وجل: {من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه} رواه مسلم.
ولو ذرةً، تركه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وما عمل، فلابد أن يكون عملك خالصاً لوجه الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
السادس: الصدق: فلا تكن كاذباً في قولك، ولا فعلك، ولا كاذباً في اعتقادك، ويظهر الكذب في بعض الناس، فمن يقل: لا إله إلا الله ولا يصلي الفجر في جماعة فهو كاذب في لا إله إلا الله، ومن يقل: لا إله إلا الله وأمواله في البنوك الربوية فهو كاذب في لا إله إلا الله، من يقل: لا إله إلا الله وهو يوالي أعداء الله على أولياء الله فهو كاذب في لا إله إلا الله!
لا إله إلا الله ليست كلمة فقط، فلو كانت كلمة فحسب لقالها اليهودي والنصراني والبوذي والشيوعي ودخلوا الجنة، لكن حرمها الله عليهم لأنهم ما عملوا بمقتضاها وما صدقوا فيها.
من الكذب في الأخلاق: أن تتعامل مع المسلمين بأخلاق اليهود فتخونهم، وتتعرض لهم، وتضمر لهم الدسائس، وتكيد لهم المكائد، وتطلب لهم العثرات، وتفرح بزلاتهم، وهذا كذب في لا إله إلا الله، وقس على ذلك كثيراً من السنن.
السابع: المحبة: أن تندفع إلى الدين بمحبة وبقلب، أن تأتي للمسجد وصدرك منشرح، لأن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى قال في المنافقين: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً} [النساء:142] ويقول: {وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة:54] فالمنافق ينفق وهو كاره، ويأتي للمسجد وهو كاره، ويحضر المحاضرة وهو كاره، أما أنت فتحب وتحمد الله عز وجل على أن أجلسك في المسجد، وعلى أن جعلك تصلي وتصوم وتحج وتعتمر، ولم يجعلك شيوعياً ولا نصرانياً ولا يهودياً ولا بوذياً.
وقد كان في استطاعة الله وبحكمته أن يولد الإنسان كافراً وأن يعيش كافراً وأن يموت كافراً، لكن اختارك الله واجتباك واصطفاك من بين الألوف المؤلفة والملايين المملينة لتكون مسلماً، تقول: لا إله إلا الله بمحبة، وتعتقد لا إله إلا الله محبة، وتعمل السنن بمحبة، بعض الناس يتضايق من السنن، يعمل بعض السنن ويقول: والله في قلبي حرج، ولولا بعض الأمور والمجاملات لما فعلت، فهذا في قلبه حرج، لا يحب ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.
الثامن: الكفر بما سوى الله تعالى قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ} [البقرة:256] التخلي والتحلي؛ أن تكفر بغير الله عز وجل فلا تتعلق بغيره سُبحَانَهُ وَتَعَالَى من وثن أو صنم أو نجم أو كوكب أو شمس أو قمر أو شيخ أو معلم أو مرءوس، فلا تتجه إلا إلى الله الواحد الأحد قال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر:65] وصور الشرك كثيرة، منها متطور ومنها بسيط، ومنها أبجدي ومنها عالي المستوى معقد، فكل بحسبه، الأعراب عند المشعوذين والكهنة والسحرة والأنصاب والأزلام إلا من رحم الله، بعض الذين تعلموا وأخذوا نصيباً من العلم عند المشايخ، يقدم رأي الشيخ على كلام الله عز وجل وكلام رسوله إلا من عصم الله عز وجل، بعض الناس عند الكيانات والاتجاه إلى غير الله عز وجل وإلى المصادر التي ما أنزل الله بها من سلطان، هذه صور من صور الشرك، وهي تتطور مع تطور الزمن، ولكن تبقى مظلة لا إله إلا الله محمد رسول الله.