ثم اعلمي -أختي المسلمة- أن هناك قضية لا بد من تدارسها ولا بد من الإلمام بها:
أولها: حقوق الزوج وحقوق الزوجة، فهذه الحقوق سنها رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، وذكر الله أصولها في القرآن، فأما حقوق الزوج: فطاعته في طاعة الله، وإرضاؤه في إرضاء الله عز وجل، وحفظه بالغيب يوم يسافر ويوم يغيب عن البيت، حفظه في السمع والبصر، وحفظه في الفرج وما استحفظ الله عز وجل، وإن أمانة الله على المرأة أمانة عظيمة قال سبحانه: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب:72] الإنسان ظلوم جهول فما هي أمانة المرأة يا ترى؟
أمانتها أن تحفظ زوجها إذا غاب من بيتها، فتتقي الله في غيابه قال سبحانه: {حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء:34] ومن حفظه ألَّا تتطلع بعينها للأجانب، ولا تنظر للمحرمات، قال تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور:31]
وعيناك إن أبدت إليك معايباً لقوم فقل يا عين للناس أعين
فأسألكن بالله ما هو موقف هذه المرأة يوم العرض الأكبر؟ هذه المرأة التي تجوب الأسواق، وتنزل إلى الباعة، وتخالط الخياطين وتجلس مع الباعة والمشترين بالأعراض، الذين باعوا الذمم، واشتروا أعراض الناس فبئس ما يشترون! اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً، واشتروا بدين الله رخصاً ومحقاً في سوق البوار، وتلك المرأة يوم باعت عرضها إنما باعت دينها قبل ذلك، وسوف يحشرها الله في يوم الحشر الأكبر {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:88 - 89] {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة:18] الأجساد عارية، والتاريخ عارٍ، والضمائر والسجلات عارية، كل شيء مكشوف، فقولي لي بالله ماذا تقول المرأة؟ ماذا تقول التي خانت زوجها فخرجت مع السائق والخياط والبائع والمشتري وكل رعديد وفاجر وكل بائع ذمم؟! ماذا تقول لله عز وجل؟
أختاه: إن الفجرة كثر، إنهم يجوبون الأسواق يبحثون عن السلع، إنهم يريدون المرأة ليفتكوا بها، فأسألك بالله أن تتقي الله في زوجك، وقبل ذلك أن تراقبي ربك.
وإذا خلوت بريبة في ظلمةٍ والنفس داعية إلى الطغيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
من ناحية أخرى! اعلمي -أيتها الأخت المسلمة- أن جمال المرأة وروعتها وحسنها هو في تقواها لله -والله- لا في ذهبها ولا في ثيابها، ولا في حليها ولا في بيتها، وإنما الجمال كل الجمال في أن تتقي الله، وتغض طرفها، وتحفظ ما استحفظها الله عليه تبارك وتعالى، حينها تعيش الأمن والسكينة.
وأما حق الزوجة على زوجها، فأن يتقي الله فيها، فهي ضعيفة لطيفة تريد الحنان، والرحمة والبر، وإنما أقول ذلك؛ لأنه سوف يسمع صوتي الرجال، وسوف يهتدون أو يتأثرون أو يستفيدون -بإذن الله- فوصيتي إلى أولئك الرجال: أن يتقوا الله في أمهات الأجيال والأبطال، أمهات العلماء والأدباء، والزعماء والشهداء.
رحمة وحناناً، ورقة ومحافظة، ونفقة وكسوة وتعاهداً، كما قاله صلى الله عليه وسلم في الموقف الأكبر، يوم أعلن حقوق المرأة وحقوق الإنسان.