كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة مهداة، عاش أباً فرزق أربعاً من البنات كالنجوم، حافظات للغيب بما حفظ الله، أربعاً من البنات عايشن القرآن والإيمان، وطاعة الواحد الديان، فاطمة، وأم كلثوم، وزينب، ورقية.
ولذلك كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً ودعهن، وإذا أتى من سفر بدأ بهنَّ، كان رحمة مهداة عليه الصلاة والسلام، يأتي إلى فاطمة ابنته صلى الله عليه وسلم في الليل الدامس فيزورها ويقول لها ولـ علي {ألا تصليان؟! ألا أدلكما على خير لكما من خادم؟! تسبحان الله ثلاثاً وثلاثين، وتحمدان الله ثلاثاً وثلاثين، وتكبران الله أربعاً وثلاثين} لقد ربى النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة على تقوى الله، على التسبيح والعبادة والتحميد، وعلى الاتصال بالحي القيوم، وكل من لم يجد الله فقد فَقَدَ كل شيء، ومن وجد الله فقد وجد كل شيء.
إن الذهب والفضة والحلي، والقصور والفلل، والخدم والملابس -والله- لا تساوي شيئاً، بل تكون مع المعصية لعنة وغضباً وسخطة منه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، أما مع التقوى فحيَّا الله الفقر، ومع طاعة الله عز وجل حيا الله المسكنة.
يقول محمد إقبال في فاطمة بنت الرسول عليه الصلاة والسلام:
هي بنت من؟ هي أم من؟ هي زوج من؟ من ذا يساوي في الأنام علاها
أما أبوها فهو أشرف مرسل جبريل بالتوحيد قد ربَّاها
وعلي زوج لا تسل عنه سوى سيف غدا بيمينه سيَّافا
عاشت في بيت النبوة، فرضعت الإيمان والإسلام، ولدت على لا إله إلا الله، وتربت عليها، وأنبتت أبناءها، وربت جيلها على لا إله إلا الله.
فأنت -أيتها الأخت المسلمة- تطالبين بالإيمان، املئي قلبك بالإيمان، فوالله لقد تحلَّى كثير من النساء بالذهب والفضة، وفقدوا الفضيلة والعفاف، وغض البصر والإيمان، ففقدن كل شيء، فقدن رضا الله ومحبته وستره، ثم فقدن الحياة الرغيدة؛ لأنه لا أمن ولا استقرار للمسلم ولا المسلمة إلا بهذا الدين {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه:124 - 126].