قال ابن تيمية: "وحق لعباده" ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: {وخالق الناس بخلقٍ حسن} فما تعريف الخلق الحسن؟ قال الإمام أحمد: الخلق الحسن: ألا تغضب، والصحيح أنه لابد للإنسان أن يغضب لأنه لا يوجد أحد لا يغضب.
يقول الشافعي: من استغضب فلم يغضب فهو حمار، يعني إنسان تنتهك محارم الله أمام عينيه، ولا يغضب بل هو حليم ما شاء الله، ويتبسم، ويقول: أعطانا الله حلماً، فنقول: بل هذه بلادة وغباوة، وإذا لم تغضب في هذا الوضع فمتى تغضب؟!
والغضب ما يطلب إلا هنا، لكن لو أن أحداً أخطأ عليه بخطأ واحد، فهل ترى من حلمه شيئاً؟! وبعضهم كثير الغضب، يشتعل، فلو قلت له كلمة غضب سريعاً، حتى قال عليه الصلاة والسلام -في الصحيح- لـ أبي ذر، وقيل لغيره لما قال له: أوصني {لا تغضب، قال: أوصني، قال: لا تغضب، قال: أوصني، قال: لا تغضب} فالغضب هذا من أبواب الشيطان في دخوله على العبد.
والخلق الحسن، قالوا: وجهٌ طليق، وكلامٌ سهل.
وقالوا: هو بذل الندى وكف الأذى.
وقالوا: هو أن تعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك.
وهذا يروى في حديث عنه عليه الصلاة والسلام، لكن في سنده نظر: {إن الله أمرني أن أصل من قطعني، وأن أعفو عمن ظلمني، وأن أعطي من حرمني} وقد طبقه عليه الصلاة والسلام في حياته، فوصل من قطعه، وعفا عمن ظلمه، وأعطى من حرمه.
وأما في الحديث الصحيح، فيقول عليه الصلاة والسلام في البخاري: {ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها} أما أنك تصل من وصلك فما فعلت شيئاً، أنت مكافئ بالحساب، وبعضهم يقول: لم يصلنا فلان فلا نصله، ولم يزرنا فلا نزوره ولم يعزمنا فلا نعزمه، وما أدانني قبل أربع سنوات، والله لا أدينه، وما شهد لي شهادة زور، والله لا أشهد له شهادة زور، ولكن لو شهد له شهادة زور، لشهد له شهادة زور.
إذاً أيها المسلمون، هذا جماع الخلق الحسن، قال سبحانه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4].
فما هو الخلق العظيم؟ قال مجاهد: [[الدين العظيم]] ومن العجيب أن هذا خلقه صلى الله عليه وسلم في الدين والمعاملة والاعتقاد، والأحوال والصفات.