Q الغزالي تعرض لشباب الصحوة ببعض الأمور النقدية، فكيف نرد عليه؟
صلى الله عليه وسلم أولاً: الغزالي سبق في الدرس الماضي أن وقفنا معه دقائق، والرجل هذا مفكر مسلم لا ينكر ذلك ولا يدفع، وقد رد عليه كثير من طلبة العلم والمشايخ والعلماء، ومن أحسن الردود: رد الشيخ سلمان العودة عليه في الكتاب والمطبوع الموجود في الأسواق وفي الأشرطة، ورد الطحان بمقالة لكنها سهلة يسيرة، إنما أشار إلى بعض الجمل، ورد بعض الإخوة كالشيخ عبد الوهاب بن ناصر بشريط مجيد في هذا الباب، ورد بعض المحاضرين ممن أعرفهم بردود مكتوبة يريدون طبعها، ولكن على كل حال الرجل سحب على وجهه وقفاه حتى ما يدري أين القبلة، لأنه أراد أن يفتح باباً فما أغلق عليه، والحقيقة أن الأمور والمسائل التي لوحظت عليه -كما مر معنا- وقد ذكرت من بعض المسائل: تقديم العقل على النقل، والتردي في الأسماء والصفات، والحجاب وما قال فيه، ورد الأحاديث الصحيحة بالرأي، والاستهزاء بشباب الصحوة والمستقيمين وما في حكمها، وعباراته النابية التي لا تليق به، وقوله أن المرأة تشارك في الحكم والبرلمان إلى غير ذلك.
أما مسألة أهل الصحوة فإنه بمناسبة أو بغير مناسبة يأتي إلى اللحى والثياب، حتى إن أحد المشايخ أوقفه في مكة وقال: أسألك بالله يا الغزالي هل سألناك وناقشناك في اللحى؟ قال: لا ما ناقشتموني، قال: نسألك بالله هل الرسول صلى الله عليه وسلم كان مربياً للحيته وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي؟ قال: نعم.
قال: نسألك بالله هل الأصل التربية أو عدمها؟ قال: الأصل التربية.
قال: نسألك بالله الذي يدعو إلى الأصل هو المصيب أو الذي يدعو إلى غير الأصل؟ قال: المصيب هو الذي يدعو إلى الأصل.
فلذلك ما أدري هل أتاه موقف اعتراضي مع بعض الشباب، أو ضرب في مكان، أو نزل من سيارة، أو طرد من مطعم، فأخذ يأخذ على الشباب دائماً ويقول: أهل تطرف وأهل تزمت.
والحمد لله انظروا إليهم ما أحسن أخلاقهم! وما أحسن سيماء الإيمان في وجوههم! ملئوا الدنيا بالقرآن والإيمان والفهم، أيريد الغزالي أن يتخلى الشباب عن السنة؟! يريد أن يطبق الشباب مثله في السنة؟ أن يقول: صوت هذا المقرئ كصوت فيروز! أو يريد أن يسهر الشباب على شادية -إن كانت تابت تاب الله عليها- أو يريد أن يكون وردهم ورد أم كلثوم؟! أو أم يحلقوا لحاهم حتى لا يعرف هل أتوا من مكة أو من باريس أو من واشنطن؟! أو يسربلوا ثيابهم حتى نقول: الإسلام يتطور مع الزمن وليس فيه تعقيد ولا تزمت! هذا ليس بصحيح، ونسأل الله أن يهديه سواء السبيل، فإنه لو أبصر ما أبصرنا وما عشنا مع إخواننا وشبابنا شباب الصحوة لرأى ما يثلج الصدر ويرفع الرأس.
لكن أبشر هذا الكون أجمعه أنا صحونا وسرنا للعلا عجبا
بفتية طهر القرآن أنفسهم كالأسد تزأر في غاباتها غضبا
عافوا حياة الخنا والرجس فاغتسلوا بتوبة لا ترى في صفهم جنبا
شاب يقوم الليل، ويصوم النهار، ويبر والديه، وينشر الدعوة، أهذا ينتقد عليه؟! لماذا لا توجه هذه التهم لأهل العربدة، ومروجي المخدرات، وباعة المجلات الخليعات، وأهل الصفير والزفير والشهيق والتشجيع، الذين كسروا على رءوسنا الشجر والزجاج والنوافذ؟! لماذا لا يرد عليهم؟! أما هؤلاء الشباب فلا يعقل.
وقد تكرر هذا السؤال كثيراً، وكلمني بعض الإخوة في مثل هذه القضية لكن ما نريد أن نثير على الناس، وقد أتاه ما يكفيه، والذي نسأل الله أن يغفر لنا وله، وأن يتجاوز عنه، وإنه يدعى وإنا ندعوه أن يكتب كتاباً، أو يقول مقولة يتبرأ فيها مما فعل فقد أخطأ، والله هو المحاسب والموعد، فإنه قد أخطأ كثيراً مع شباب الإسلام، نسأل الله لنا وله المغفرة؛ لأن الرجل له حسنات، ونحن أمرنا أن نكون شهداء على الناس، وأن نكون عادلين في الحكم، ولا يحملنا شنآن الأقوام على التشفي بأعراضهم، فله حسنات، ومن حسناته أنه رد على الشيوعيين في وقت ما كان ينبس أحد من الناس بكلمة، وقام على كثير من الطغاة كـ عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وأمثالهما فشلحهم على المنابر تشليحاً، ومنها: أنه وجه الفكر وأتى بدرر من بنيات فكره فتح الله فيها عليه، ومنها: أن الرجل لا ينكر أنه مفسر وخطيب ومتكلم، لكن ما كل من قصد شيئاً أصاب فيه، ولا كل من أراد أمراً يترك لهذا الأمر؛ حتى يقوَّم بالكتاب والسنة.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.