ثم تفطر على الذي ورد في السنة وهو الرطب، فإذا لم يكن رطب فتمر، فإن لم يكن تمر فلتحس حسوات من ماء، ولك دعوة لا ترد، وعليك أن تعجل إفطارك إذا سمعت الأذان وغربت الشمس، فقد جاء في الصحيح: {لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطور وأخروا السحور} وهذا هديه عليه الصلاة والسلام، وكان يقول: {إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم} فعليك أن تبادر بالإفطار، وأن تحمد الله عز وجل على نعمة الإفطار.
يقول أهل العلم: إن من لطائف هذا الدين ومن أسراره أن جعل الإفطار شيئاً حلواً؛ لأن المعدة الخالية لا يناسبها إلا الحلو، فجعل صلى الله عليه وسلم الإفطار رطباً أو تمراً، فأفطر، ثم قم لصلاة المغرب، واحمد الله عز وجل على هذه النعمة {للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه} فإن الصائم الذي يتعب في العبادة، إذا اقترب منه إفطاره فرح به وسر، ويفرح إذا لقي الله يوم العرض الأكبر.
وبعد صلاة المغرب تعود لتناول طعام العشاء، وعليك أن تخفف منه نسبياً؛ لأن بعض الناس يشتغل شغلاً عارماً في الأكل، حتى أنه لا يستطيع أن يصلي التراويح مع الناس، ويصبح مقعداً، وتجده يتدحرج إلى المسجد تدحرجاً، لأنه جعل على بطنه مخلاةً من الطعام من كل ما لذ وطاب، وأفلت يده، وهذا أساس الكسل، والأحسن أن يأكل الإنسان إفطاره على فترات، لا بأس أن يأكل شيئاً، ثم يترك إلى بعد التراويح شيئاً، حتى يستطيع أن يقوم للعبادة نشيطاً؛ ولا يصلي صلاة التراويح جالساً أو مغمىً عليه.