هذا الوقت مبارك، ولكنه يضيع منا دائماً، فيضيعه كثير من الناس بالنوم، أو بالشرود والغفلة، وقد جاء عند أحمد والترمذي من حديث أبي صخر الغامدي مرفوعاً إليه صلى الله عليه وسلم: {بارك الله لأمتي في بكورها} وأبرك وقت هو بعد الفجر، فأنا أقترح للصائم بعد الفجر أن يجعله في المسجد، والمرأة في مصلاها، يذكرون الله عز وجل حتى طلوع الشمس، فإذا ارتفعت الشمس صلى ركعتين، يقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى الصبح في جماعة، ثم جلس في مجلسه الذي صلى فيه يذكر الله عز وجل حتى ترتفع الشمس، ثم صلى ركعتين كان له أجر حجة وعمرة تامة تامة تامة} رواه الترمذي وهو حديث صحيح فيما أراه، وقد صححه بعض الفضلاء والعلماء، وهذا مكسب عظيم، فإن جلسة ساعة تكسبك أجر حجة وعمرة تامة تامة تامة، ولكن هذا لمن صلى الفجر في جماعة.
وجاء عند الإمام مسلم عن جندب بن عبد الله البجلي: {من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله، فالله الله لا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من طلبه أدركه، ومن أدركه كبه على وجهه في النار}.
من خان حي على الصلاة يخون حي الكفاح
ولما تركت صلاة الفجر في جماعة، فتحت الدور للواقعين في المخدرات، ولقاطعي الآباء والأمهات، ولعاصي رب الأرض والسموات، وللساقطين في الأغاني الماجنات والمجلات الخليعات، والمسلسلات المخربات.
ثم بعد ذلك ينام العبد ليرتاح؛ لأن غالب الناس يسهرون في رمضان، في العبادة أو في غير ذلك، فينام الإنسان حتى يبدأ دوامه، ثم يقوم فيتوضأ، والوضوء سلاح المؤمن، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم: {والطهور شطر الإيمان} فيصلي ركعتي الضحى، وذلك إذا استيقظ في العاشرة أو قبلها، وركعتا الضحى خير من الدنيا وما فيها، وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: {أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث لا أدعهن حتى أموت: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أنام} وقال صلى الله عليه وسلم: {كل سلامى من الناس عليه صدقة، فكل يوم تطلع فيه الشمس تصلح بين اثنين صدقة، وتعين الرجل على دابته صدقة، وكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، ويجزئ عن ذلك ركعتان يركعهما أحدكم من الضحى} فالله الله في ركعتي الضحى.
ثم يذهب الإنسان إلى عمله أو كسبه أو دراسته أو سوقه أو دكانه؛ لأن الإسلام حركة وحياة، فالإسلام في السوق، وفي الدكان، وفي المكتب، وفي الفصل وعليه أن يتجنب اللغو، قال الله: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون:3] وأن يكثر من الذكر، وأقترح على المسلم أن يكون مصحفه في رمضان في جيبه، وإن كان حافظاً فليقرأ من حفظه، وإن كان أمياً لا يقرأ القرآن فليكثر من التسبيح والتحميد والتهليل، فهي غراس الجنة، قال عليه الصلاة والسلام: {الجنة قيعان وغراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر} رواه الترمذي، وليردد ما يحفظ من السور.
ثم يصلي الظهر في جماعة، وحذار حذار -يا أيها الإخوة- من تفويت صلاة الجماعة، فإن بعض الناس يفوت صلاة الجماعة حتى في رمضان، وهذه خطيئة كبيرة، بل يرى كثيرٌ من أهل العلم -وهو القول الصحيح- أن صلاة الجماعة واجبة، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {من سمع النداء ولم يجب فلا صلاة له إلا من عذر} رواه أحمد وابن ماجة والحاكم، وصححه ابن تيمية وعبد الحق الأشبيلي، وهو صحيح فالله الله في صلاة الجماعة خاصة في رمضان.