النور من الله

أنا أروي في هذه الليلة صراعاً بين التوحيد والإلحاد، يبدأ هذا الصراع بوسط التاريخ، ولا أعتني أن أبدأ من أول التاريخ، وحسبك من القلادة ما أحاط بالعنق، يقول سبحانه: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر:26] يقف فرعون واعظاً في الجماهير، هذا المجرم السفاك الذي أدخل المجلة الخليعة، والأغنية الماجنة، شارب الخمر، صاحب الليلة الحمراء، يقول لموسى الصحوة، موسى الإيمان، موسى الإمام، موسى النور.

أين ما يدعى ظلام يا رفيق الليل أينا إن نور الله في قلبي وهذا ما أراه

قد مشينا في ضياء الوحي حباً واهتدينا ورسول الله قاد الركب تحذوه خطاه

قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور:40] من يعطيه النور؟ الشاطئ!! الأغنية!! الكأس!! المجلة الخليعة!! الفيديو المهدم!! ريفر سايد!! لوس أنجلوس!! باريس!! بانكوك؟!!

لا.

لا يعطيه النور إلا من أنزل النور، القائل: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:257] ويقول سبحانه: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام:122] كثير من الناس أموات، يأكلون ويشربون ويغنون ويرقصون، ويسمرون ويسهرون، ولكنهم أموات غير أحياء، لم يروا النور ولا عرفوا الرسالة، ولا سجدوا لله، فهم في عالم الأموات، قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} [الفرقان:44].

يسمع الأغنية لكن لا يسمع الله أكبر، ويسمع الكلمة الماجنة ولا يسمع حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح، قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف:179] وقال تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى} [غافر:26].

قال سيد قطب: يظهر أن الرأي العام يضغط على فرعون، فيريد فرعون أن يستأذن الرأي العام في أن يذبح موسى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015