Q يقول صلى الله عليه وسلم: {إذا أمَّ أحدكم الناس فليخفف} كيف يكون التخفيف؟ وكيف يكون الإمام فقيهاً في الإمامة؟
صلى الله عليه وسلم التخفيف هو شبه صلاته عليه الصلاة والسلام، لا يذهب روعتها وروحها، ولا خشوعها وخضوعها، كأن ينقرها نقراً، بعض الناس إذا صليت معهم كأنك في تمارين رياضية، حتى ما تنتهي الصلاة وقد انقطع قلبك، فما تقول: سبحان ربي الأعلى وإذا هو قد وقف، سبحان ربي العظيم إلا وقد وقام، وهذه ليست بصلاة، وبعضهم إذا صلى أطال حتى يتوب الناس من الصلاة خلفه، فتجد بعض المهتدين يأتي الفريضة فيبقى يطيل ويطيل فيها حتى يذهب الخشوع والخضوع.
أحد الناس العوام أخبرني أنه سافر مرة إلى الرياض فمرَّ بطريقه بمسجد، فترك أهله -امرأته وأخواته وبناته- في السيارة في الشمس ودخل مع إمام مشهور بالإطالة، حتى إن هذا الإمام صلَّى معه رجل آخر من المنطقة الجنوبية، قال عنه: يجلس في السجود حتى تنسى أين أنت، هل أنت في المملكة أو في مدغشقر، أي: في السجود دماغك ينقلب، حتى لا تتذكر هل أنت ساجد أو نائم، فلما سلم -هذا الرجل الثاني- قام وقال: يا شيخ! مبروك، قال: على ماذا؟ قال: والله الفريضة الواحدة معك مثل حجة كاملة كاملة.
فالرجل الأول ترك أطفاله في السيارة في الشمس، قال: فدخلت معه في أول ركعة في الصف الأول، وأتت الصفوف وراءنا، قال: فقرأت الفاتحة وما أحفظ من سور -كل ما يحفظ من سور قرأها- قال: ثم قرأت التحيات، ثم صليت على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم استغفرت ثم سبحت، ثم دعوت الله، قال: في الأخير كنت أنظر في المحراب هل الإمام موجود، -أي: خاف لو يكون راح يتغدى أو ينام- قال: فلما رأيته أطال قلت: هذه الركعة الأولى فكيف بالركعة الثانية والثالثة والرابعة، وأهله حموا في السيارة، فقطع الصفوف، قال: وصليت أربع ركعات وهو لا يزال في الأولى.
ولذلك هذا الإمام نحي عن الإمامة.
فالصحيح أن تصلي صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم التي علمها لـ معاذ في صلاة العشاء، حيث كان يصلي بهم بعد الفاتحة، بمثل: سبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، والضحى والليل إذا سجى، وأمثالها وأشباهها، فلا هذا ولا هذا، والإنسان عليه أن يكون فقيهاً، ويعرف أحوال الناس، لأن بعض الناس يقول: ما علي منهم والله لا أجامل أحداً، ولا أريد إلا الله، وهذا جيد لكن والجماعة التي وراءك، شيخ كبير: طفل صغير، مريض، وذو حاجة، هل تحبس الناس؟ لا.
وكذلك لا تذهب خشوع الصلاة، فكن فقيهاً واقرأ هديه صلى الله عليه وسلم في الصلاة، كما في زاد المعاد، لـ ابن القيم.
وفي ختام هذا الدرس: نسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية، وأستبيحكم عذراً على من لم أجب على سؤاله؛ لضيق الوقت، ولها -إن شاء الله- مواقف أخرى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.